روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

روابط مواقع مفيدة

الموسوعة الإسلامية الشاملة /موسوعة اللغة العربية والأدب /موسوعة علم النبات الشاملة /موسوعة علم الكيمياء/ الجيولوجيا وعلوم الأرض /أعلام وشخصيات تاريخية /موسوعة أماكن ومعالم /موسوعة المصطلحات /موسوعة مصر الشاملة /حكم وأمثال عالمية /الأمثال الشعبية المصرية /الأقسام الرئيسية للمكتبة /قائمة المكتبات الإسلامية /*مكتبة اللغة العربية والأدب /مكتبة الموسوعات الشاملة /مكتبة العلماء /مكتبة فكرية وفلسفية /المكتبة الطبية /المكتبة السياسية /المكتبة الهندسية /المكتبة القانونية /مكتبة الإقتصاد /مكتبة الصور /أقسام الموسوعة الإسلامية /موسوعة الفقه الشاملة /موسوعة الحديث وعلومه /موسوعة علوم القرآن /موسوعة السيرة النبوية /الموسوعة الكبرى للفتاوى /موسوعة الأخلاق الإسلامية /موسوعة المفاهيم الإسلامية /المذاهب والفرق الإسلامية /موسوعة إعراب القرآن الكريم /موسوعة الشخصيات التاريخية /أقسام موسوعة اللغة العربية /الصفحة الرئيسية للغة العربية /موسوعة علم النحو /موسوعة علم الصرف /موسوعة علم البلاغة /موسوعة العروض والقوافى /علم المعانى /علم التأثيل /علم اللسانيات واللغويات /علم النطق وتاريخ الألفاظ /علم الإشتقاق وفقه اللغة /علم الإملاء /من أقسام موسوعة النبات /الخلية النباتية /التكاثر فى النبات /فسيولوجيا النبات /شكل ومورفولوجيا النبات /أجزاء النبات الأساسية /مصطلحات نباتية /قائمة الفواكه /اقسام مكتبة الصور الطبية /تشريح - Anatomy /هيستولوجى - Histology /باثولوجى - Pathology /بكتيريا - Bacteria slides /جراحة - Surgery /أقسام فرعية للمكتبة الإسلامية /مكتبة علوم القرآن /مكتبة الحديث النبوى /مكتبة الفقه /مكتبة التفسير /مكتبة التاريخ والسيرة النبوية /مكتبة الملل والنحل والمذاهب /مكتبة مقارنة الأديان /مكتبة الأخلاق والتزكية /مكتبة القرآن المرئية /مكتبة القرآن الصوتية /مكتبة الموسوعات الشاملة /مكتبة الإقتصاد الإسلامى /كتب إسلامية Islamic Books /صفحات مهمة جدا فى الموقع /شاهد الأرض من الفضاء /شاهد الليل والنهار مباشرة /الخرائط بأنواعها من جوجل /الباحث فى الحديث النبوى /الباحث فى مفردات اللغة العربية /الباحث فى ألفاظ القرآن /أوقات الصلاة Prayer Times /موسوعة دار الإفتاء المصرية /موسوعات كتب قراءة مباشرة  /موسوعة جينيس للأرقام القياسية /الإسلام - Islam /ترجمة مايكروسوفت

الأحد، 29 مايو 2022

أحسن ما سمعت - ط. العلمية المؤلف أبو منصور الثعالبي

 أحسن ما سمعت - ط. العلمية لأبي منصور الثعالبي 

الباب الأول في الإلهيات

أحسن ما جاء نظماً في حمد الله، وذم الزمان قول ابن المعتز:

حمداً لربي وذماً للزمان فما

 

أقل في هذه الدنيا مسراتي

وقول مؤلف الكتاب:

حمدت إلهي والزمان ذممـتـه

 

فقد طالما أغرى بقلبي البلابلا

وعندي من لؤم الزمان رقـائق

 

أعد لها من فضل ربي جلائلا

من أحسن ما قيل في الشكر لله على نعمته قول محمود:

إذا كان شكري نعمة الله نعـمة

 

علي له في مثلها يجب الشكر

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضـلـه

 

وإن طالت الأيام واتصل العمر

إذا عم بالسراء عم سـرورهـا

 

وخص بالضراء أعقبها الأجر

ومن أحسن ما قيل في ذلك أيضاً قول صالح بن عبد القدوس:

للـه أحـمـد شـاكـراً

 

فبلاؤه حسنٌ جـمـيل

أصبحت مسروراً مـعـا

 

فى بين أنعمـه أجـول

خلواً مـن الأحـزان خ

 

فَّ الظهر يقنعني القليل

حراً فلا مـنـن لـمـخ

 

لوقٍ ولا أصل أصـيل

سيان عندي ذو الغنى ال

 

متلاف والمثري البخيل

ونفيت بالياس الـمـنـى

 

عني فطاب لي القلـيل

والناس كلـهـم لـمـن

 

خفت مؤونته خـلـيل

ومن أحاسن محمود في ذلك قوله:

فلو كان يستعلي على الشكر ماجد

 

لعزة نفس أو عـلـو مـكـان

لما أمر الله الحكـيم بـشـكـره

 

فقال اشكروني أيها الثـقـلان

ومن أحاسن البحتري قوله:

ما أضعف الإنسان لولا قوة

 

في رأيه وأصالة في لبـه

من لا يقوم بشكر نعمة خله

 

فمتى يقوم بشكر نعمة ربه

ومن أحسن ما قيل:

كم نعمة لا يستقل بشكرها

 

لله في طي المكاره كامنه

ومن أحسن ما سمعته في التوحيد قول "أبي العتاهية":

أيا عجباً كيف يعصى الإ

 

ه أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شـيء لـه آية

 

تدل على أنـه واحـد

ولله في كـل تـحـريكةٍ

 

وتسكينةٍ أبـداً شـاهـد

ومن أحاسن أبي الفتح البستي قوله:

كل من يرتقي إليه بوهـم

 

من جلال وقدرة وسناء

فالذي أبدع البرية أعلـى

 

منه سبحان مبدع الأشياء

ومن أحسن ما قيل في الاستغناء بالله عن غيره قول محمود:

لا تخضعن لمخلوقٍ على طمعٍ

 

فإن ذلك وهنٌ منك في الدين

واسترزق الله مما في خزائنه

 

فإن ذلك بين الكاف والنـون

وأحسن منه قول عبد الصمد، وهو من قلائده:

تكلفني إذلال نفسـي لـعـزهـا

 

وهان عليها أن أهان وتكرمـا

تقول سل المعروف يحيى بن أكثم

 

فقلت سليه رب يحيى ابن أكثما

وأحسن منه قول ابن المعتز:

دع الناس إذ طالما أتعبـوك

 

وأد إلى الله وجه الأمـل

ولا تطلب الرزق من طالبي

 

ه واطلبه ممن به قد كفل

ومن أحاسن ما قيل في التوكل على الله قول عبد الله:

هو الصبر والتسليم لله والرضـا

 

إذا نزلت بي خطة لا أشاؤهـا

إذا نحن أبنا سالمـين بـأنـفـس

 

كرام رجت أمراً فخاب رجاؤها

فأنفسنا خير الـغـنـيمة إنـهـا

 

تؤوب وفيها ماؤها وحـياؤهـا

ومن أحسن ما قيل فيه قول بعضهم:

توكل على الله في النائبات

 

ولا تبغ فيها سواه بديلا

وثق بجميل صنيع الإلـه

 

فما عوَّد الله إلا جمـيلا

وقول الآخر:

أحسن الظن بمن قد عودك

 

كل إحسان وسـوى أودك

إن رباً كان يكفـيك الـذي

 

كان بالأمس سيكفيك غدك

فصل

في الثناء على الله تعالى عند وصف الأشياء الحسنة

من أحسن ما قيل في النرجس قول أبي نواس:

تأمل في نبات الأرض وانظر

 

إلى آثار ما صنع الملـيك

عيون من لجين شاخـصـات

 

بأحداق كما الذهب السبـيك

على قضب الزبرجد شاهداتٌ

 

بأن الله لـيس لـه شـريك

ومن أحسن ما قيل في استحسان الصورة قول ابن سكرة:

وشادن ما رأيت طلعته الـزْ

 

زَهراء إلا شككت في القمر

كم قلت لما رأيت صـورتـه

 

تبارك الله خالق الـصـور

ومن أحسن ما قيل في آثار الربيع قول بعضهم:

اربأ بربع للربيع وكن لـه

 

ضيفاً تكن ندماءك الأنوار

من قانئ في ناضر في فاقع

 

في ناصع صباغها الجبار

ومن أحسن ما قيل في الإلهيات قول محمود:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه

 

هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعمته

 

إن المحب لمن أحب مطيع

وقول ابن الرومي:

أمن ضيق مثوى المرء في بطن أمه

 

إلى ضيق مثواه من القبر يسـلـم

ولم يلق بين الضيق والضيق فسـحة

 

أبى ذاك أن الله بالعـبـد أرحـم

إذا كان غير الله لـلـمـرء عـدة

 

أتته الرزايا من وجـوه الـفـوائد

وقول مؤلف الكتاب:

إليك المشتكى لا منـك ربـي

 

وأنت لنائبات الدهر حسبـي

تروي غلتي وتـرم حـالـي

 

وتؤمن روعتي وتزيل كربي

الباب الثاني في النبويات

فصل في ذكر آدم عليه السلام وإبليس لعنه الله

يا ساهراً يرنو بـعـينـي راقـد

 

ومشاهداً للأمر غير مشـاهـد

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي

 

درك الجنان بها وفوز العـابـد

أنسيت أن الـلـه أخـرج آدمـاً

 

منها إلى الدنيا بـذنـب واحـد

وقول أبي نواس:

عجبت من إبليس في لعنته

 

وخبث ما أظهر من نيته

تاه على آدم في سجدتـه

 

فصار قواداً لـذريتـه

وقول السري:

من ذم إدريس فـي قـيادتـه

 

فإنـنـي حـامــد لإدريس

كلم لي عاصـياً فـكـان لـه

 

أطـوع مـن آدم لإبـلـيس

وكان في سرعة المجيء بـه

 

آصف في حمل عرش بلقيس

فصل في ذكر نوح عليه السلام

قال (الصولي) في كتاب الوزراء: كان أول ما ارتفع به أمر أحمد بن يوسف أن المخلوع لما قتل، أمر طاهر بن الحسين الكتاب أن يكتبوا بذلك إلى المأمون، فأطالوا، فقال طاهر: أريد أحسن من هذا كله وأوجز، فوصف له أحمد بن يوسف فأمر بإحضاره، فحضر وكتب ما هو أحسن في معناه: أما بعد فإن المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة،فقد فرق كتاب الله بينهما في الولاية والحرمة، فيما قص علينا من نبأ نوح وابنه، حيث قال تعالى: (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) ولا صلة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت في ذات الله، وكتب إلى أمي المؤمنين وقد قتل الله المخلوع ورداه رداء النكبة،ووجهت إلى أمير المؤمنين الدنيا والآخرة، أما الدنيا فراس المخلوع، وأما الآخرة فالبردة والقضيب، فالحمد لله الآخذ له ممن خان عهده، ونكث على عقده، حتى رد لأمير المؤمنين الألفة، وأقام به الشريعة، فرضي ذلك وأنفذه، فوصل أحمد بن يوسف، وعلا قدره، حتى استوزره المأمون.
قال مؤلف الكتاب: وقد قال الأول:

كانت مودة سلمان لنا نسـبـاً

 

ولم يكن بين نوح وابنه نسب

فصل في ذكر إبراهيم عليه السلام

أحسن ما سمعت في عيادة الرؤساء من وجع القدم قول بعضهم:

كيف نال العثار من لم يزل من

 

ه مقيل في كل خطب جسيم

أو ترقى الأذى إلى قـدم لـم

 

يخط إلا إلى مـقـام كـريم

كمقام النبي أحـمـد أو مـث

 

ل مقام الخلـيل إبـراهـيم

فصل في ذكر يعقوب ويوسف عليهما السلام

أحسن ما سمعته في براءة الساحة قول أبي طالب:

وعصبة بات فيها الغيظ مـتـقـداً

 

إذ شدت لي فوق أعناق العدا رتبا

فكنت يوسف والأسباط هم وأبو ال

 

أسباط أنت ودعواهم دماً كـذبـا

ومن أحسن ما سمعت في حسن عاقبة المحبوس قول البحتري:

أما في رسول الله يوسـف أسـوة

 

لمثلك محبوساً على الضيم والإفك

أقام جميل الصبر في السجن مـدة

 

فآض به الصبر الجميل إلى الملك

فصل في ذكر موسى عليه السلام

لم أسمع أحسن على القبح من قول العلوي في هجائه لابن رستم وهو أحمد بن محمد بن إسماعيل:

جئت فرداً بـلا أب وبـيمـنـا

 

ك بياض فأنت عيسى وموسى

من أحسن ما قيل قول أبي نواس:

أيا من ليس يكفيها خـلـيل

 

ولا ألفا خلـيل كـل عـام

لأنت بقية من قوم مـوسـى

 

فهم لا يصبرون على طعام

فصل في ذكر داود وسليمان عليهما السلام

من أحسن ما قيل في الاستعطاف قول الشاعر:

ألان لداود الحديد بقـدرة

 

إله على تليين قلبك قادر

ومن أحسن ما قيل في رفع الأعداء رؤوسهم عند موت من كان يقمعهم، قول ابي القاسم بن العلا في مرثية الصاحب:

قام السعاة وكان الخوف أقعدهم

 

واستيقظوا بعد أن نام الملاعين

 

لا يعجب الناس منهم إن هم انتشروا

 

مضى سليمان فانحل الشياطـين

فصل

في ذكر عيسى عليه السلام

من أحسن ما قيل في قصد مقصود وترك خير منه، قول الطبري:

وما كنت في تركيك إلا كتارك

 

طهوراً وراض بعده بالتيمـم

وذي علة يأتي عليلاً ليشتفـي

 

به وهو جار للمسيح بن مريم

ومن أحسن ما قيل في الحركة والطلب قول بعضهم:

توكل على الرحمن في طلـب الـعـلا

 

ودع عنك قول الناس في تركك الطلب

ألـم تـر أن الـلـه قـال لـمــريم

 

وهزي إليك الجزع يساقط الـرطـب

ولو شاء أن تجنيه من غـير هـزهـا

 

جنته ولكن كل شـيء لـه سـبـب

ومن أحسن ما قيل في هجو الدعي قول الصاحب:

رأيت لبعض الناس فضلاً إذا انتمى

 

يقصر عنه فضل عيسى بن مريم

عزوه على تسع وتسـعـين والـد

 

وليس لعيسى والد حين ينتـمـي

فصل في ذكر النبي المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام

أحسن ما قيل في ارتفاع الأب بابنه قول ابن الرومي:

وكم أب قد علا بابن ذرى شرف

 

كما علا برسول الله عـدنـان

الباب الثالث في الملوكيات

من أحسن ما قيل في أمثال الملوك قول ابن نباتة لصمصام الدولة في ملك من ملوك آل بويه:

أحسد قوماً عليك قد غلبوا

 

وكل من بادر المنى غلبا

وكنت كالكرم في تكرمه

 

تلتف أوراقه بما قربـا

ومن أحاسن ذلك قول إبراهيم بن العباس، مثل أصحاب السلطان كقوم رقوا جبلاً، ثم وقعوا منه، فكان أبعدهم في الرقي أقربهم من التلف.
وقال مؤلف الكتاب: ينبغي أن يكون الملك كالغيث يحيي إذا همى، والسيل يردي إذا طمى، والبدر يهدي إذا سما، والدهر يصمي إذا رمى.
ومن أحسن ما قيل في الانزعاج من غضب الملوك قول النابغة:

نبئت أن أبا قابوس أوعـدنـي

 

ولا قرار على زأر من الأسد

ومن أحاسن الأشعار الملوكية قول سلم بن عمرو في الرشيد:

ملك كان الشمس فوق جبينه

 

متهلل الإمساء والإصبـاح

فإذا حللت ببابـه وفـنـائه

 

فانزل بسعد وارتحل بنجاح

وقول مسلم بن الوليد في الرشيد أيضاً:

بأبي وأمي أنـت مـا أنـدى يداً

 

وأبر ميثـاقـاً ومـا أزكـاكـا

يغدو عدوك خـائفـاً فـإذا رأى

 

أن قد قدرت على العقاب رجاكا

الباب الرابع في الإخوانيات

من أحاسن أبي تمام قوله في مخالطة الإخوان:

ذو الود مني وذو القربي بـمـنـزلة

 

وإخوتي أسوة عندي فـإخـوانـي

عصـابة جـاورت آدابـهـم أدبـي

 

فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني

أرواحنا في مكـان واحـد وغـدت

 

أبدانـنـا بـشـآمٍ أو خـراسـان

وأحسن منه قول عبد الله بن طاهر:

أميل مع الذمام على ابن عمي

 

وأقضي للصديق على الشقيق

وإن ألفيتني ملكـاً مـطـاعـاً

 

فإنك واجدي عبد الـصـديق

ومن أحسن ما قيل في قبول عذر الإخوان قول ابن نباتة:

وكنت إذا ما حاجة حال دونهـا

 

نهار وليل لـيس يعـتـذران

تحملت في حكم القضاء ملامها

 

ولم ألزم الإخوان ذنب زماني

ومن أحسن ما قيل في مدح الإخوان قول زياد الأعجم:

أخ لي ما أراه الدهـر إلا

 

على العلات بساماً جوادا

سألناه الجزيل فما تلـكـى

 

وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنـا

 

فأحسن ثم عاودنا فعـادا

مراراً ما أعود غـلـيه إلا

 

تبسم ضاحكاً وثنى الوسادا

وقول منصور الفقيه:

أخ لـي عـنـده أدب

 

مودة مثلـه نـسـب

رعى لي فوق ما يرعى

 

وأوجب فوق ما يجب

فلو سبكـت خـلائقـه

 

لبهرج عندها الذهـب

وقول أبي الفتح البستي في المؤلف لهذا الكتاب:

بنفسي أخ نـفـسـه أمة

 

وتدبيره في الوغى فيلق

أخ باب إحسانه مطـلـق

 

وباب إساءته مغـلـق

كريم السجـايا فـلا رأيه

 

بهيم ولا خلقه أبـلـق

محمد أنت قوى ناظـري

 

فكيف إذا غبت لا أقلق

رهنتك قلبي وحكم القلوب

 

إذا رهنت أنها تغـلـق

ومن أحسن ما قيل في شكاية الإخوان قول بعضهم:

من رأى في الأنام مثل أخ لـي

 

كان عوني على الزمان وخلي

رفعته حال فحـاول حـطـي

 

وأبـى أن يعـز إلا بـذلـي

وقوله أيضاً:

وكنت أخي بإخاء الزمـان

 

فلما نبا صرت حرباً عوانا

وكنت أذم إلـيك الـزمـان

 

فأصبحت فيك أذم الزمانا

وكنت أعدك لـلـنـائبـات

 

فها أنا أطلب منك الأمانا

ومن أحسن ما قيل في عتاب الملول قول الساشي:

إذا أنا عاتبت الملول فـإنـمـا

 

أخط بأقلامي على الماء أحرفا

وهبه ارعوى بعد العتاب ألم يكن

 

تودده طبعاً فصار تكـلـفـا

ومن أحسن ما قيل في وجوب العتاب قول ابن الرومي:

يا أخي أين ريع ذاك الإخـاء

 

أين ما كان بيننا من صفـاء

أنت عيني وليس من حق عيني

 

غض أجفانها على الأقـذاء

ومن أحسن ما قيل في العتاب على الحجاب قول ابن عيينة:

إني أتيتك للسـلام ولـم

 

أنقل إليك لغيره رحلي

فحجبت دونك مرتين وقد

 

تشتد واحدة على مثلي

ومما يستظرف في معنى الحجاب وذم البواب قول بعضهم:

ولقد رأيت بباب دارك جفوة

 

فيها لحسن صنيعكم تكدير

ما بال دارك حين تدخل جنة

 

وبباب دارك منكر ونكير

وأحسن ما قيل في العتاب:

يا ذا الذي جعل القطيعة دأبه

 

إن القطيعة موطئ للـريب

إن كان ودك في الطوية كامناً

 

فاطلب صديقاً عالماً بالغيب

وأحسن ما قيل في ترك العتاب:

أقلل عتاب من استربت بوده

 

ليست تنال مودة بقـتـال

وأحسن ما قيل في ذم الأخوان وذم الاستكثار منهم قول العطوي:

لم أجـد كـثـرة الأخـلاء إلا

 

تعب النفس في قضاء الحقوق

فاصرف الود عن كثير من النا

 

س فما كل من ترى بصـديق

وقول ابن الرومي:

عدوك من صديقك مستـفـاد

 

فلا تستكثرن من الصحـاب

فإن الداء أكـثـر مـا تـراه

 

يكون من الطعام أو الشراب

ومن أظرف ما قيل في هذا الفصل قول بعضهم:

ألا إن إخواني الذين عهـدتـهـم

 

أفاعي رمال لا تقصر في لسعي

ظننت بهم خيراً فلما بـلـوتـهـم

 

حللت بواد منهم غـير ذي زرع

ومن أحسن ما قيل في الشوق والفراق قول أبي عيينة:

جسمي معي غير أن الروح عنـدكـم

 

فالروح في غربة والجسم في الوطن

فليعجب الناس منـي أن لـي بـدنـاً

 

لا روح فيه ولـي روح بـلا بـدن

وقول كشاجم:

قلت وقالوا: بان إخـوانـه

 

فأبدلوه البعد بالـقـرب

والله ما شطت نوى صاحب

 

سار من العين إلى القلب

ومن أحاسن أبي تمام قوله في افتراق الشمل:

بالشام قومي وبغداد الهـوى وأنـا

 

بالرقمتين وبالقسطاط إخـوانـي

وما أظن النوى ترضى بما صنعت

 

حتى تشافه لي أقصى خراسـان

ومما لا يزيد على حسنه قول بعض المولدين:

خطرات ذكرك تستبين مودتي

 

فأحس منها في الفؤاد دبيبا

لا عضو لي إلا وفيه صبـابة

 

فكان أعضائي خلقن قلوبـا

ومن أحسن ما قيل في العيد عند مفارقة الإخوان قول أبي الفرج الشامي:

من سره العيد فما سـرنـي

 

بل زاد في شوقي وأحزاني

لأنه ذكرنـي مـا مـضـى

 

من عهد أحبابي وإخوانـي

ومما يستظرف في تشوق الإخوان قول ابن طباطبا العلوي:

نفسي الفداء لغائب عن ناظري

 

ومحله في القلب دون حجابه

لولا تمتع ناظري بـلـقـائه

 

لوهبته لمبشـري بـإيابـه

وكتب أبو الفتح البستي لمؤلف الكتاب:

إذا نسي الناس أهل الوداد

 

وخان المودة خوانهـا

فعندي لإخواني الغائبـين

 

صحائف ذكرك عنوانها

ومن أحاسن إخوانياته قوله:

بأبي إخوة ترحلـت عـنـهـم

 

فترحلت عن سروري وانـس

فارقوني فأرقـونـي واذكـوا

 

شعلة الوجد في خواطر نفسي

ومن أحسن ما قيل في الزيارة والاستزارة قول العباس بن الأحنف:

نزوركم لا نكافيكم بجفـوتـكـم

 

إن المحب إذا لم يستـزر زارا

يقرب الشوق داراً وهي نـازحة

 

من عالج الشوق لم يستبعد الدارا

ومن أحسن ما قيل في إعلال الزيارة قول ابن المعتز:

ليت شعري أفي المـنـام أراه

 

قمراً زارني على غير وعـد

صار ترب الطريق مسكاً وكافو

 

راً حصاها وماؤها مـاء ورد

ومن أحسن ما قيل فيه أيضاً:

خليلي هل أبصرتما أو سمعتمـا

 

بأكرم من مولىً تمشى إلى عبد

 

أتى زائراً من غير وعد وقال لي:

 

أصونك من تعليق قلبك بالوعـد

ومن أحسن ما قيل في خفة الزيارة قول كشاجم:

بأبي وأمـي زائر مـتـقـنـع

 

لم يخف ضوء البدر تحت قناعه

لم أستتم عـنـاقـه لـقـدومـه

 

حتى ابتدأت عناقـه لـوداعـه

ومن أحسن ما قيل في زيارة المحب قول بعضهم:

أرى الرجل قد تسعى إلى من تحبـه

 

وما الرجل إلا حيث يسعى بها القلب

وأحسن ما قيل في إقلال الزيارة:

عليك بـإقـلال الـزيارة إنـهـا

 

إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكا

فإني رأيت القطـر يسـأم دائمـاً

 

ويسأل بالأيدي إذا هو أمسـكـا

وفي ترك الزيارة مع المودة قول بعضهم:

إن التباعـد لا يضـرْ

 

رُ إذا تقاربت القلوب

ومن أحسن ما قيل في منع المطر الزيارة قول أبي حفص:

حكت السماء نـدى يدي

 

ك فلم أطق سعياً إليكا

وحكـيتـهـا يا سـيدي

 

بالدمع من أسفي عليكا

وقول أبي العسقلاني:

حال بيني وبين بابـك حـالا

 

ن وحول وقرب عهد عهاد

فكأن الوحول ليل مـحـب

 

وكأن السماء كف جـواد

وفي اتصال الندى قول الحسن بن وهب:

يوجب العذر في تراخي اللقاء

 

ما توالى من هـذه الأنـداء

فسلام الإلـه أهـديه مـنـي

 

كل يوم لـسـيد الــوزراء

لست أدري ماذا أذم وأشـكـو

 

من سماء تعوقني عن سماء

غير أني أدعو على تلك بالصح

 

و وأدعو لهذه بـالـبـقـاء

ومن أظرف ما قيل في الاستزارة قول أبي الفتح البستي:

عندي فديتـك سـادة أحـرار

 

وقلوبهم شوقاً إلـيك حـرار

وشرابنا شرب العلوم وروضنا

 

نزه الحديث ونقلنا الشعـار

فامنن علينا بالبدار فـإنـمـا

 

أعمار أوقات السرور قصار

وقوله أيضاً:

لقاؤك يدني لي المرتجـى

 

ويفتح باب الهوى المرتج

فأسرع إلينا ولا تبـطـئن

 

فإنا صيام إلى أن تجـي

الباب الخامس في الأدبيات

من أحسن ما قيل في القلم قول أبي الفتح البستي:

إذا افتخر الأبطال يوماً بسيفـهـم

 

وعدوه مما يكسب المجد والكرم

كفى قلم الكتاب فخـراً ورفـعةً

 

مدى الدهر أن الله أقسم بالقلـم

وقول الآخر:

وأخرس ينطق بالمحكمات

 

وجثمانه صامت أجوف

بمكة ينطق في خـفـيةٍ

 

وبالصين منطقه يعرف

ولم أسمع في حسن الخط أحسن من قول أبي إسحاق:

وكم من يدٍ بيضاء حازت جمالها

 

لك لا تسود إلا من النـقـس

إذا رقشت بيض الصحائف خلتها

 

تطرز بالظلماء أردية الشمس

وقوله أيضاً في المهلبي الوزير:

وإذا استنطق الأنامل جـاءت

 

ببيانٍ كالجوهر المنـضـود

في سطورٍ كأنها نشـرت يم

 

ناه عصـائبـاً مـن بـرود

فقر لم يزل فقـيراً إلـيهـا

 

كل مبدي بلاغةً ومـعـيد

ببيانٍ شافٍ ولفظٍ مـصـيبٍ

 

واختصارٍ كافٍ ومعنىً سديد

وقوله أيضاً"

له يدُ برعت جوداً بـنـائلـهـا

 

ومنطقُ دره في الطرس ينتثر

فحاتم كامن في بطن راحتـهـا

 

وفي أناملها سحبان مستـتـر

ومن ملح أبي الفتح البستي:

بنفسي من أهـدى إلـى كـتـابـه

 

فأهدى لي الدنيا مع الدين في درج

كتابٌ معانـيه خـلال سـطـوره

 

لآلئ في درجٍ، كواكب في بـرج

وقوله أيضاً:

كتابك سيدي أجلى همـومـي

 

وحل به اغتباطي وابتهاجـي

كتابٌ فـي سـرائره سـرورٌ

 

مناجيه مـن الأحـزان نـاج

فكم معنىً بـديعٍ درج لـفـظٍ

 

هناك تـزاوجـا أي ازدواج

كراحٍ في زجاجٍ بـل كـروحٍ

 

سرت في جسم معتدل المزاج

وقوله أيضاً:

لما أتاني كتابٌ منك مبـتـسـمٌ

 

عن كل بر وفضلٍ غير محدود

حكت معانيه في أثناء أسـطـره

 

آثارك البيض في أحوالي السود

ومن أحاسن ما قيل في وصف الكلام الحسن قول إبراهيم الأصبهاني:

إذا ارتجل الكلام بدا خلـيجٌ

 

يقيه بمده بحـر الـكـلام

كلامٌ بل مدامٌ بـل نـظـامٌ

 

من الياقوت بل حب الغمام

وقول أبي إسحاق للمهلبي الوزير:

لك في المحافل منطقٌ يشفي الجوى

 

ويسوغ في أذن الأديب سـلافـه

فكأن لفظك لـؤلـؤٌ مـتـنـخـلٌ

 

وكـأنـمـا آذانـنـا أصـدافـه

وقول مؤلف الكتاب للأمير أبي الفضل الميكالي:

سبحان ربي تبارك الـلـه مـا

 

أشبه بعض الكلام بالعـسـل

والدر والسحر والرقى وابنة ال

 

كرم وحلي اللسان والحـلـل

مثل كـلام الأمـير سـيدنـا

 

نظماً ونثراً يسير كالمـثـل

وقوله للمؤلف:

إني أرى ألفاظك الـغـرا

 

عطلت الياقوت والـدرا

لك الكلام الحر يا من غدت

 

أفعاله تستعبـد الـحـرا

وأبدع ما قيل في ذم القلم قول ابن المعتز:

وأجوف مشقوقٍ كأن سنـانـه

 

إذا استعجلته الكف منقار لاقط

وتاه به قومٌ فقـلـت رويدكـم

 

فما كاتبٌ بالكف إلا كشـارط

وأحسن ما قيل في ذم الكتاب:

تعس الزمان فقد أتي بعجـاب

 

ومحا رسوم الظرف والآداب

وأتي بكتابٍ لو انطلقـت يدي

 

فيهم رددتهم إلى الكـتـاب

وقول بعض كتاب بخارا:

وكاتبٍ كتبته تذكـرنـي ال

 

قرآن حتى أظل في عجب

فاللفظ قالوا قلوبنا غـلـفٌ

 

والخط تبت يدا أبي لهـب

ومن أحسن ما قيل في مدح الشعر قول أبي تمام:

إن القوافي والمساعي لم تزل

 

مثل النظام إذا يكون فريدا

هي جوهرٌ نثرٌ فإن ألفـتـه

 

بالشعر صار قلائداً وعقودا

ومن أحسن ما قيل في وصف الشاعر شعره قول بعضهم:

شغلتك عن حسن السماع مـدائحٌ

 

حسنت فما تنفك تطرب سامعا

طلعت عليك أبا الفوارس أنجـمٌ

 

منهن يخجلن النجوم طوالـعـا

جاءتك مثل بدائع الوشـي الـذي

 

ما زال في صنعاء يتعب صانعا

أو كالربيع يريك أخضر ناضـراً

 

ومورداً شرقاً وأصفر فاقـعـا

وأحسن ما قيل في شرف الشاعر:

إن أكن مهدياً لك الشعـر إنـا

 

لأناسٌ تهدى لنـا الأشـعـار

غير إنـي أراكـم أهـل بـيتٍ

 

ما على المرء إن تسودوه عار

ومن أحسن ما قيل في ذم الشاعر:

أنت ببين اثنتين تبرز للنـا

 

س وكلتاهما بوجه مذال

لست تنفك طالباً لوصـالٍ

 

من حبيبٍ أو طالباً لنوال

وقول أبي عثمان الخالدي:

شعر عبد السلام فـيه رديءٌ

 

ومحالٌ وسـاقـطٌ وبـديع

فهو مثل الزمان إذ فيه صيفٌ

 

وخريفٌ وشتـوةٌ وربـيع

وللقاضي أبي الحسن الجرجاني في الأستاذ الطبري:

لو نفضت أشعاره نفـضةً

 

لانتشرت تطلب أصحابها

الباب السادس في الخمريات

من أحسن ما قيل في الاستظهار على الزمان ودفع الهموم بالراح قول المأمون:

أما ترى الدهر ما تفنى عجائبه

 

والدهر يخلط ميسوراً بمعسور

وليس للهم إلا كـل صـافـيةٍ

 

كأنها دمعةٌ من عين مهجـور

وقول ابن المعتز:

سلط على الأحزان بنت الدنـان

 

وارحل إلى السكر برطلٍ وثان

وهـاتـهـا بـنـت يهــوديةٍ

 

سحارةٍ تحكم عقد الـلـسـان

نعم قرى السمع على شربـهـا

 

نفخ المزامير وعزف القـيان

ومن أحسن ما قيل قول ابن الرومي:

والـه مـا أدري لأية عــلةٍ

 

يدعونها في الراح باسم الراح

ألريحها أم روحها تحت الحشـا

 

أم لارتياح نديمها بـالـراح

ومن قلائد أبي نواسٍ قوله:

تمتع مـن شـرابٍ لـيس يبـقـى

 

وصل بعرى الغبوق عرى الصبوح

ألم ترني أبحت الـراح عـرضـي

 

وعض مراشف الظبي الـمـلـيح

فإنـي عـالـمٌ أن سـوف تـنـأى

 

مسافة بين جثـمـانـي وروحـي

ومن أحسن ما قيل في رقتها وصفائها قول الصاحب:

رق الزجاج وراقت الخمر

 

وتشابها فتشاكل الأمـر

فكأنما خـمـرٌ ولا قـدحٌ

 

وكأنما قدحٌ ولا خـمـر

ومن أحسن ما قال ابن المعتز:

وندمانٍ سقيت الراح صـرفـاً

 

وافق الصبح مرتفع السجوف

صفت وصفت زجاجتها عليها

 

كمعنىً دق في ذهنٍ لطـيف

ومن غرر أبي عثمان الخالدي قوله:

هتف الصبح بالدجى فاسقنيهـا

 

قهوةً تترك الحليم سفـيهـا

ليس يدرى لـرقةٍ وصـفـاءٍ

 

هي في كأسها أم الكأس فيها

ومن أحسن ما قيل في شعاعها على يد الساقي قول التنوخي:

وراحٍ من الشمس مخلـوقةٌ

 

بدت لك في قدحٍ من نهار

كأن المدير لها بـالـيمـين

 

إذا جال للسقي أو باليسار

تدرَّع ثوباً من الياسـمـين

 

له فرد كمٍ من الجلـنـار

وقول السري الموصلي:

وبكرٍ شربناها على الورد بكـرةً

 

فكانت لنا ورداً إلى صحوة الغد

 

إذا قام مبيض اللباس يديرها

 

توهمته يسعى بكمٍ مورد

ولأبي القاسم الحريري في رقتها:

قم غلامي وهات كاس رضاب ال

 

كرم من فيك مازجاً برضـاب

من شاربٍ كأنه فـي الـقـواري

 

ر شهابٌ ممثـلٌ فـي سـراب

ليس يدري إذا تنـاولـه الـشـا

 

رب يجلى لأعـين الـشـراب

أشرابٌ مـمـثـلٌ فـي زجـاجٍ

 

أم زجاجٌ ممثـلٌ فـي شـراب

ومن غرر ابن المعتز:

وخمارةٍ من بنات اليهـود

 

ترى الزق في بيتها شائلا

وزنا لها ذهـبـاً جـامـداً

 

فكالت لنا ذهبـاً سـائلا

وقوله أيضاً:

من لي على رغم العذول بقهوةٍ

 

بكرٍ ربـيبة حـانةٍ عـذراء

موجٍ من الذهب المذاب يضمه

 

كأسٌ كقشر الدرة البيضـاء

وقوله أيضاً:

يا نديمي عاطياني فقـد لا

 

ح صباحٌ وأذن الناقوس

من كميتٍ كأنه أرض تبرٍ

 

في نواحيه لؤلؤٌ مغروس

ومما يستحسن للنظام قوله:

ما زلت آخذ روح الزق في لطفٍ

 

وأستبيح دماً من غير مجـروح

حتى انتشيت ولي روحان في بدني

 

والزق مطرحٌ جسمٌ بـلا روح

وأحسن ما قيل في المطبوخ قول بعضهم:

وراح عذبتها النار حتـى

 

وقت شرابها نار العذاب

يذيب الهم قبل الشرب لون

 

لها في مثل ياقوت مذاب

وفي ضده للسري الموصلي:

هات التي تورث شرابها

 

غداً بيوم الحشر أوزارا

ومن أحسن ما قيل في مزج الشراب قول أبي تمام:

عنبية ذهبـية سـبـكـت لـهـا

 

ذهب المعاني صاغة الشعـراء

فكأنها وكأن بـهـجة كـأسـهـا

 

نار ونـور قـيدا بـوعـــاء

صعبت فراض المزج سيء خلقها

 

فتعلمت من حسن خلق الـمـاء

وقول الآخر وهو متنازع:

وحمراء قبل المزج صفراء بعـده

 

أتت بين ثوبي نرجسٍ وشـقـائق

حكت وجنة المعشوق صرفاً فسلطوا

 

عليها مزاجاً فاكتست لون عاشـق

ومن أحاسن ابن المعتز قوله:

وأمطر الكأس ماء من أبـارقـه

 

عليها مزاجاً فاكتست لون عاشق

ومن أحاسن ابن المعتز قوله:

وأمطر الكأس ماءً من أبـارقـه

 

فانبت الدر في أرضٍ من الذهب

وسبح القوم لما أن رأوا عجـبـاً

 

نوراً من الماء في نارٍ من العنب

ومن أحسن ما قيل قول الدمشقي:

عذبتها بالمزاج فابتسـمـت

 

عن برد نابت على لهـب

كأن أيدي المزاج قد سبكـت

 

في كأسها فضةً على ذهب

ومن قوله أيضاً:

امزج بمائك نار كأسك واسقـنـي

 

فلقد مزجت مدامعـي بـدمـائي

واشرب على زهر الرياض مدامةً

 

تنفي الهموم بعاجـل الـسـراء

فكأنها وكأن حـامـل كـأسـهـا

 

غذ قام يجلوها على الـنـدمـاء

شمس الضحى رقصت فنقط وجهها

 

بدر الدجى بكواكـب الـجـوزاء

وأظرف ما سمعت في كراهة المزاج قول الصابي:

حرم الماء فأبـعـد

 

ه وإن كان مباحـا

أقراحٌ أنـا حـتـى

 

أشرب الماء قراحا

ومن أحسن ما قيل في الساقي قول ابن المعتز:

قد حثني بالكأس أول فجـره

 

ساقٍ علامة دينه في خصره

وكأن حمرة لونها مـن خـده

 

وكأن طيب نسيمها من نشره

حتى إذا صب المزاج تبسمت

 

عن ثغرها فحسبته من ثغره

ومن أحسن ما قال أبو فراس الحمداني:

تبسم إذ تـبـسـم عـن أقـاحٍ

 

وأسفر حين أسفر عن صباح

فمن لألاء غرته صـبـاحـي

 

ومن صهباء ريقته اصطباحي

ومن أحاسن عبد الله بن عبد الله بن طاهر في الساقي:

سقتني في ليلٍ شبيهٍ بشعـرهـا

 

شبيهة خديها بـغـير رقـيب

فما زلت في ليلين منه ومن دجى

 

وشمسين من راحٍ ووجه حبيب

ومن أحاسن ابن المعتز قوله:

وساقٍ مطـيعٌ لأحـبـابـه

 

على الرقباء شديد الجـره

وفي عطفة الصدغ خالٌ لـه

 

كما مست الصولجان الكره

ومن أحاسن الخالدي:

فالكف عاجٌ والحبـاب لآلـئٌٌ

 

والراح تبرٌ والزجاج زبرجد

ومن أحسن ما قيل في وصف الشراب قول ابن الرومي:

ومدامةٍ كحشاشة النـفـس

 

لطفت عن الإدراك بالحس

فكأنها وكـأن شـاربـهـا

 

قمرٌ يقبل عارض الشمس

وقول ابن المعتز:

كأنما الكأس إلى ثغرها

 

متصلاً بالأنمل الخمس

ياقوتةٌ حمراء قد صيرت

 

واسطةً للبدر والشمس

ومن أحسن ما قيل في نعت الراح على السماح قول بعضهم:

أيسر جودي أننـي كـلـمـا

 

أسرفت في السكر ولم أدر

ندمت في الصحو على كل ما

 

أبقيت من مالي في السكر

ومن أحسن ما قيل في الاعتذار من هفوة السكر:

قل للأمـير أدام الـلـه رفـعـتـه

 

العفو أفضل ما تنحوه من نـحـو

إن الشراب له شرطٌ سمـعـت بـه

 

أن لا يعاد حديث السكر في الصحو

وقول الآخر:

يا ابن عثمان بلغوك مقـالاً

 

لم أقله ولم يكن من كلامي

إن أكن لم أقله فالعذر فضلٌ

 

أو أكن قلته فذنب المـدام

وفي ذم النبيذ:

تركت النبيذ وأصحـابـه

 

وصرت قريناً لمن عابه

شرابٌ يضل سبيل الرشاد

 

ويفتح للشـر أبـوابـه

ومن أحسن ما قيل في استهداء الشراب قول السري:

أبا حسنٍ إن وجـه الـربـيع

 

جميلٌ يزان بحسن العـقـار

فإن الربيع نـهـار الـسـرو

 

ر والراح شمسٌ لذاك النهار

وإنك مشـرقـهـا إن أردت

 

وإن لم ترد غربت في استتار

فأجر إلي بحـار الـعـقـار

 

فمن فيض كفك فيض البحار

ومن أحسن ما قيل عند زورة الحبيب:

نفسـي فـداؤك يا أبـا غـسـان

 

خذ قصتي واسمع طرائف شاني

عندي حبيبٌ كاملٌ وحـبـيبـتـي

 

بدر الدجى من فوق غصن البان

فابعث بها بكراً كأن حـبـابـهـا

 

دمعٌ تحدر من جفـون عـوان

ولك الثنا والود مـن شـرابـهـا

 

والإثم في عقبي وفي ميزانـي

ومن أحاسن ما يليق في هذا الباب:

قم فاسقني بين خفق الناي والود

 

ولا تبع طيب موجودٍ بمفقـود

نحن الشهود وخفق العود خاطبنا

 

نزوج ابن سحابٍ بنت عنقود

ومن أحسن ما قال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:

عيد بـنـا إن هـذا يوم تـعــييد

 

واشرب على الأخوين الناي والعود

ومن أحسن ما قيل في العود ووصف الزامر والمغني معاً:

يا صاح هلا زرتنا في مجـلـسٍ

 

حضر السرور به ونعم الحاضر

زمر المغني فيه من إحـسـانـه

 

والكأس دائرةٌ وغنى الـزامـر

ومن أحسن ما قيل في العود قول سعيدٍ بن حميد:

وناطقٍ بلسانٍ لا ضـمـير لـه

 

كأنه فخذٌ نيطت عـلـى قـدم

يبدي ضمير سواه في الحديث كما

 

يبدي ضمير سواه منطق القلـم

ولسيف الدولة في المغني:

ومغن عذب الكلام يجازي

 

ك بما تشتهيه في ميدانك

ألمعيٌ كأن قلبك فـي أض

 

لاعه أو كلامه في لسانك

وقول بعضهم في هجاء المغني:

غناؤك فقـرٌ يزيل الـغـنـى

 

وضربك يوجب ضرب العنق

فأنت الكـلاب إذا مـا عـوت

 

وأنت الحمار إذا ما نـهـق

الباب السابع

في الربيع وآثاره

من أحاسن ما قيل في الربيع قول ابن المارداني:

أما ترى الأرض قد أعطتك عذرتها

 

مخضرةً واكتسى بالنور عاريهـا

فللسماء بكـاءٌ فـي حـدائقـهـا

 

وللرياض ابتسامٌ في نـواحـيهـا

وقول الصنوبري:

تبارك الله ما أحلا الـربـيع فـلا

 

يغرر مقايسه بالصيف مـغـرور

من شم طيب جنيات الربـيع يقـل

 

لا المسك مسكٌ ولا الكافور كافور

وقول بعضهم:

طاب هذا الهواء وازداد حتـى

 

ليس يزداد طيب هذا الهواء

ذهبٌ حيث ما ذهبـنـا ووردٌ

 

حيث ردنا وفضةٌ في الفضاء

وقول أبي الفتح بن العميد:

أسعد بنيروزٍ أتاك مبـشـراً

 

بسـعـادة وزيارةٍ ودوام

واشرب فقد حل الربيع نقابه

 

عن منظرٍ متهللٍ بـسـام

وقول مؤلف الكتاب:

أظن الربيع الآن قـد جـاء تـاجـراً

 

ففي الشمس بزازاً وفي الريح عطارا

وما العيش إلا أن تـواجـه وجـهـه

 

وتقضي بين الوشي والمسك أوطـارا

ومن بدائع أبي الفرج قوله في قوس قزحٍ:

سقياً ليومٍ ترى قوس السـمـاء بـه

 

والشمس مسفرةٌ والبرق خـلاس

كأنها قوس رامٍ والـبـروق لـهـا

 

رشق السهام وعين الشمس برجاس

ومن أحسن ما قيل في الأيام الربيعية الموصوفة بالدجن والمطر وحسن الأثر قول ابن المعتز:

يوم كـأن سـمـــاءه

 

حجبت بأجنحة الفواخت

وكـأن قـطـر يثـاره

 

در على الأغصان نابت

وقول المهلبي الوزير:

يومٌ كـأن سـمــاءه

 

شبه الحصان الأبرش

وكأن زهرةً أرضـيه

 

فرشت بأحسن مفرش

 

والشمس تظهر تارةً

 

وتغيب كالمستوحش

شبهت حمرة عينهـا

 

بخمار عين المنتشي

ومن أحسن ما قيل في الشرب على الدجن والمطر:

لا يكن للكأس في ي

 

دك يوم الدجن لبث

أو ما تعلـم أن الـد

 

جن ساقٍ مستحث

وقول ابن المعتز:

اشرب فقد دارت الكـؤوس

 

وفارقت يومك النـحـوس

في كـل يومٍ جـديد روضٍ

 

عليه دمع الندى حـبـيس

ومأتم في السمـاء يبـكـي

 

والأرض من تحتها عروس

وقول الحمداني:

الخمر شمسٌ فـي غـلالة لاذ

 

تجري ومطلعها من الخرداذي

فاشرب على رش الغمام فيومنا

 

في مجلس البستـان يوم رذاذ

وانظر إلى لمع البروق كأنهـا

 

يوم الضراب صفائح الفـولاذ

وأحسن ما قيل في اليوم المتلون قول علي بن الجهم:

أما ترى اليوم ما أحلا شمائله

 

صحو وغنيم وإبراقٌ وإرعاد

كأنه أنت يا من لا شبـيه لـه

 

وصلٌ وهجر وتقريبٌ وإبعاد

وأحسن ما قيل في الرياض والزهر:

وروض عن صنيع الغيث راضٍ

 

كما رضي الصديق عن الصديق

إذا ما القطر أسعده صـبـوحـاً

 

أتم له الصنيعة بـالـغـبـوق

كأن الدر مـنـتـثـراً عـلـيه

 

بقايا الدمع في خد الـمـشـوق

كأن غصونه شـربـت رحـيقـاً

 

فماست ميس شراب الرحـيق

كأن شقائق الـنـعـمـان فـيه

 

محضرة كؤوسٌ مـن عـقـيق

كأن النرجس الـروضـي فـيه

 

مداهن من لجين لـلـخـلـوق

يذكرني بـنـفـسـجـه بـقـايا

 

صنيع اللطم بالخـد الـرقـيق

ومن ملح ابن سكرة قوله:

أما ترى الروضة قد نورت

 

وظاهر الروضة قد أعشبا

كأنما الروض سماءٌ لـنـا

 

نقطف منها كوكباً كوكبـا

ولابن المعتز في النسيم:

يا رب ليل سحـرٌ كـلـه

 

مفتضح البدر عليل النسيم

تلتقط الأنفاس برد النـدى

 

فيه فتهديه لحر الهمـوم

وفي غناء الطير:

ذرى شجرٍ للطير فيها تشـاجـر

 

كأن صنوف الزهر فيها جواهر

كأن القماري والبلابل فـوقـهـا

 

قيانٌ وأوراق الغصون ستـائر

شربنا على ذاك الترنـم قـهـوةً

 

كأن على حافاتهـا الـدر دائر

ولابن المعتز في النرجس:

عيونٌ إذا عاينتهـا فـكـأنـمـا

 

وقوع الندى من فوق أجفانها در

محاجرها بيضٌ وأحداقها صفـرٌ

 

وأجسادها خضر وأنفاسها عطر

ومن أحسن ما قيل في الورد قول علي بن الجهم:

زائر يهـــدي إلـــينـــا

 

نفـسـه فـي كـل عـــام

حسـن الـوجـه ذكـي الــرْ

 

رِيح إلـف لـلــمـــدام

كأنما صبغته وجنـتـا خـجـلٍ

 

قد حل عقد سـراويل وأزرارا

فلو رآه حبيسٌ وسط صـومـعةٍ

 

لقال في مثل هذا فادخلوا النارا

وقال ابن الحجاج في غلامٍ حياه بوردةٍ:

جنى من البستان لـي وردةً

 

أحسن من إنجازه وعـدي

فقال والخمرة فـي كـفـه

 

كالورد أو أزكى من الورد

اشرب هنيئاً لك يا عاشقـي

 

ريقي من كفي على خدي

وقد ظرف بعضهم في قوله:

أتى الورد في زي الخدود من المرد

 

وزاد فحيا بالعـبـير وبـالـنـد

شربنا عليه قهوةً طال عـهـدهـا

 

فرقت كما رق الشجي من الوجد

كأنا من الورد النضير وفـعـلـه

 

بألواننـا وردٌ أضـيف إلـى ورد

وقوله في باكورة وردٍ لم تفتح:

ووردة تحـكـي لـهـذا الـورد

 

طليعةً تسرعـت مـن جـنـد

قد ضمها في الغصن قرص البرد

 

ضم فمٍ لـقـبـلةٍ مـن بـعـد

ومن أحسن ما قيل في الورد:

ووردةٌ في بنان معـطـار

 

حيث به في لطيف أسرار

كأنها وجنة الحبـيب وقـد

 

نقطها عاشـقٌ بـدينـار

وأحسن ما قيل في التمثيل بالورد قول ابن أبي عيينة:

أرى عهدها كالورد ليس بـدائم

 

ولا خير فيمن لا يدوم له عهد

وعهدي بها كالآس حسناً وزينةً

 

له منظرٌ يبقى إذا ذهب الورد

ومن أحسن ما قيل في تشبيه الملول به قول ابن الجهم:

ما أخطأ الورد منك شيئاً

 

حسناً وطيباً ولا ملالا

أقام حتى إذا أنـسـنـا

 

بقربه أسرع انتقـالا

وما قيل في البنفسج:

بنفسج بذكي الروح مخصـوص

 

ما في زمانك إن وافاك تنغيص

كأنه شعلة الكـبـريت بـارزةٌ

 

أو خد أغيد بالتجميش مقروص

ولابن المعتز في النور المختلف:

وترى البهار معانقاً لبنفـسـجٍ

 

وكأن ذلـك زائرٌ ومـزور

وكأن نرجسه عيون كحـلـت

 

بالزعفران جفونها الكافـور

تحيي النفوس بطيبها فكأنـهـا

 

طعم الرضاب يناله المهجور

الباب الثامن في الصيف والخريف والشتاء

من أحن ما قيل في الحر قول بعض العرب:

ويومٍ كأن المصطـلـين بـحـره

 

وإن لم يكن جمراً قيامٌ على الجمر

صبرت له حـتـى يمـر وإنـمـا

 

تفرج أيام الشدائد بـالـصـبـر

وقول مؤلف الكتاب:

رب يومٍ هـواؤه يتـلـظـى

 

فيحاكي فؤاد صـب مـتـيم

قلت إذ صلت حره حر وجهي:

 

ربنا اصرف عنا عذاب جهنم

ولأبي إسحاق الصابي في البق:

وليلةٍ لم أذق مـن حـرهـا وسـنـاً

 

كأن في جوها النيران تشـتـعـل

أطاف بي عسكرٌ للبـق ذو لـجـب

 

ما فيه إلا شجاعٌ فـاتـكٌ بـطـل

من كل شائلة الخرطـوم طـاعـنةٍ

 

لا تحجب السجف مسراها ولا الكلل

طافوا علينا وحر الشمس يطبـخـنـا

 

حتى إذا نضجت أجسادنا أكـلـوا

وقول مؤلف الكتاب:

وليلٍ بتـه رهـن اكـتـئاب

 

أقاسي فيه ألوان الـعـذاب

إذا شرب البعوض دمي وغنى

 

فللبرغوث رقصٌ في ثيابي

ومن أحسن ما قيل في الباذنجان:

وباذنجانة حـشـيت حـشـاهـا

 

صغار الدر باللبن الـحـلـيب

تقمصت البنفسج واسـتـقـلـت

 

من الآس الرطيب على قضيب

ومن أحسن ما قيل في المشمش:

أما ترى المشمش يا خل الأدب

 

مشطبا أكرم بهاتيك الشطب

مثقب الهامات من غير ثقـب

 

كأنه بنادقٌ مـن الـذهـب

قد صاغها صائغها بلا تعب

 

 

ومن أحسن ما قيل في التفاح:

راحٌ وتفاحةٌ مـن كـف جـارية

 

بيضاء بالحسن والإحسان منفردةً

كأنـمـا هـذه هـاتـياك دانـيةٌ

 

وهذه هذه في الكف منعـقـدة

وللصاحب في وصف حبه عنبٍ:

وحبةٍ من عنبٍ قـطـفـهـا

 

تحسدها العقود في الترائب

كأنها من بعد تمييزي لـهـا

 

لؤلؤة في ثقبت من جانـب

ومن أحسن ما سمعت في أكل العنب تعللا به وتسلياً عن الخمر:

لحاني عذولي بل نهانـي إذا رأى

 

ولو عي بالأعناب أكثر قضمها

فقلت له: الصهباء كانت عشيقتي

 

وقد ألزمتني رقة الحال صرمها

ومن أحسن ما قيل في الرمان قول بعضهم:

ورمانٌ رقيق القشر يحكـي

 

ثدي الغيد في أثـواب لاذ

إذا قشرته طلعت عـلـينـا

 

فصوصٌ من عقيقٍ أو بخاذ

ومن أحسن ما قيل في التين:

يا تين يا سـيد الـفـواكـه يا

 

أطيب ما نجتني من الشجـر

فضلك الله في الكتاب على الزْ

 

زَيتون في آية من الـسـور

ومن أحسن ما قيل في الفستق قول الصابي:

النقل في فستـق حـديث

 

رطب تبدى من الحفاف

لي فيه تشبيه فيلـسـوفٍ

 

ألفاطه عذبةٌ خـفـاف

زمردٌ صـانـه حـريرٌ

 

في حق عاجٍ له غلاف

ومن أحاسن المأموني قوله في الزبيب الطائفي:

وطائفي من الزبـيب بـه

 

ينتقل الشرب حين ينتقل

كأنه فـي الإنـاء أوعـيةٌ

 

من البجازي ملؤها عسل

ومن أحسن ما قيل في البرد قول الهمذاني:

يومٌ من الزمهرير مـقـرور

 

عليه جيب الضباب مزرور

وشمـسـه حـرةٌ مـخـدرةٌ

 

لم يبدُ لي من ضيائها نـور

كأنما الجـو حـشـوه بـردٌ

 

والأرض من تحته قـوارير

ومن أحسن ما قيل في الشرب على الثلج والبرد قول ابن المعتز:

ذهـب كـؤوسـك يا غـلا

 

م فإنـه يومٌ مـفـضـض

والجو يجلـى فـي الـبـيا

 

ض وفي حلي الدر يعرض

أتـظـن ذا ثـلـجـاً فـذا

 

وردٌ على الأغصان ينقض

ورد الـربـيع مـلـــونٌ

 

والورد في كانون أبـيض

ومن أحسن ما قيل في الثلج قول الصاحب:

أقبل الجو في غلائل نـور

 

وتهادى في لؤلؤ منثـور

فكان السماء صاهرت الأر

 

ض فكان النثار من كافور

ومن أحسن ما قيل في النار قول الصنوبري:

كل شيءٍ مستحسنٌ في العيون

 

دون حسن الكانون في كانون

حسن خد المعشوق فيه وفـيه

 

حر أحشاء عاشقٍ محـزون

وقول الأستاذ الطبري:

أعد الورى للبرد جنداً من الصلى

 

وقابلته من بينهم بـجـنـودي

ثلاثٍ من النيران نـار مـدامةٍ

 

ونار صبابـاتٍ ونـار وقـود

الباب التاسع في الآثار العلوية

ومن أحسن ما قيل في وصف الشمس قول الصاحب:

أما ترى الشمس بدت

 

كأنها ترس ذهـب

كأنها قـد ركـبـت

 

للناظرين من لهب

أشكر عنها فـلـكـا

 

أحسن فيما قد وهب

وأبدع ما قيل في مغالبة الشمس السحاب قول ابن المعتز:

تظلل الشمس ترمقنا بلـحـظٍ

 

مريضٍ مذنفٍ من خلف ستر

تحاول فتق غيم وهـو يأبـى

 

كعنينٍ يريد نـكـاح بـكـر

ومن أحسن ما قيل في وصف الهلال قول كشاجم:

أهلاً وسهلاً بالهـلا

 

ل بدا لعين المبصر

أو ما تراه يلوح فـي

 

جو السماء الأخضر

وقول الآخر:

يا ريم قومي الآن ثم لتـنـظـري

 

وجهه الهلال وقد بدا في المشرق

كخليلةٍ نظرت إلـى خـل لـهـا

 

خجلاً وقد وافـى بـكـم أزرق

ومن أحاسن السري قوله:

لقد سلت جيوش الفطر فـينـا

 

على شهر الصيام سيوف باس

ولاح لنا الهلال كشطر طـوقٍ

 

على لبات زرقاء اللـبـاس

وقول أبي عاصمٍ البصري في اقتران الهلال بالزهرة:

قارن الزهـرة الـهـلال وكـانـا

 

في افتراق في الجو من غير هجرة

وإذا ما تـقـارنـا قـلـت: طـوقٌ

 

من لجينٍ قد عـلـقـت فـيه دره

ولأبي نصرٍ بن المرزبان فيه:

كم ليلةٍ أحييتـهـا ولـمـؤنـسـي

 

طرف الحديث وطيب حث الأكؤس

شبهت بدر سمـائهـا لـمـا دنـت

 

منه الثريا في قميصٍ سـنـدسـي

ملكاً مهيبـاً قـاعـداً فـي روضةٍ

 

حياه بعض الزائرين بـنـرجـس

ومن أحسن ما قيل في الليل وسواده قول بعضهم:

ولـيلةٍ لـــيلاء يح

 

كيها سواد المفـرق

كأنمـا نـجـومـهـا

 

في مغربٍ أو مشرق

دراهمٌ قد نثرت=على بساطٍ أزرق وقول ابن المعتز:

كم ليلةٍ محمـودةٍ أحـييتـهـا

 

جاءت بأسعد طالعٍ لم ينحـس

وتوقد المريخ بين نجـومـهـا

 

كبهارةٍ في روضةٍ من نرجس

وقوله أيضاً:

ما زلت أرقب كل نجم لامعٍ

 

وكأن جنبي فوق جمرٍ موقد

ورنا إلي الفرقدان كما رنت

 

زرقاء تنظر من نقابٍ أسود

وقوله أيضاً:

نادمت إخواني بـدجـلة لـيلةً

 

والنجم في كبد السماء محلـق

والبدر يضحك وجهه في وجهها

 

والماء يرقص حولنا ويصفق

ولآخر:

إن دمعي فوق خدي

 

مثل طل فوق ورد

ونجوم الليل تحكـي

 

فضة في لازورد

ومن أحسن ما قيل في الثريا قول ابن المعتز:

قم يا خليلي نصطبـح بـسـواد

 

قد كاد يبدو الصبح أو هو بادي

وأرى الثريا في السماء كأنهـا

 

قدمٌ تبدت مـن ثـياب حـداد

وقول بعضهم:

كأنما نجم الـثـريا لـمـن

 

يرمقها والظلام منطبـق

مال بخيلٍ يظل يجمـعـه

 

من كل وجهٍ وليس يفترق

ومن أحسن ما قيل في طول الليل قول بعضهم:

إن الليالي للأنـام مـنـاهـلٌ

 

تطوى وتبسط بينها الأعمار

فقصارهن مع الهموم طـويلةٌ

 

وطوالهن مع السرور قصار

وقول ابن المعتز:

أقول وقد طال ليل الهـمـوم

 

وقاسيت حزن فؤادٍ سـقـيم

عسى الشمس قد مسخت كوكباً

 

وقد طلعت في عداد النجوم

ومن أبدع ما قاله بعضهم:

عهدي بنا ورداء الوصل يجمعـنـا

 

والليل أطوله كاللمح بالبـصـر

فالآن ليلي مذ غابـوا فـديتـهـم

 

ليل الضرير فصبحي غير منتظر

ومن أحاسن العلوي:

سقى الله عيشاً مضى وانقـضـى

 

زمان الصبى والهوى والمجون

لياليه تحكي اعتـراض الـظـلا

 

م في الطرف عند ارتداد الجفون

وأيامه مثـل لـمـع الـبـروق

 

ويسبق بالفوت لمـح الـعـيون

ومن أحسن ما قيل في قصر الليل:

ليل المحبين مـطـوي جـوانـبـه

 

مشمر الذيل منسوبٌ إلى القصـر

ما ذاك إلا لأن الصبـح نـم بـنـا

 

فأطلع الشمس من غيظ على القمر

ومن أحاسن ما جاء في الليل:

يا ليلةً جمعتنـي والـمـدام ومـن

 

أهواه في روضةٍ تحكي الجنان لنا

لأشكرنك ما نـاحـت مـطـوقةٌ

 

على الغصون فقد طوقتني مننـا

وقال مؤلف الكتاب:

هذه ليلةٌ لهـا بـهـجة الـطـا

 

ووس حسنا واللون لون الغداف

رقد الدهر عندها فانتـبـهـنـا

 

وسرقنا حظ السرور الشافـي

بمدامٍ صافٍ وخـل مـصـافٍ

 

وحبيب وافٍ وسعدٍ مـوافـي

ومن أحسن ما جاء في الصبح قول بعضهم:

ولما رأيت الصبح قد سل سيفـه

 

وولى انهزاماً ليله وكواكـبـه

ولاح احمرارٌ قلت قد ذبح الدجى

 

وهذا دمٌ قد ضمخ الليل ساكبه

وقول ابن المعتز:

يا ليلةً أكل المحـاق هـلالـهـا

 

حتى تبدى مثل حـق الـعـاج

والصبح يتلو المشتري فـكـأنـه

 

عريان يمشي في الدجى بسراج

وقول ابن طباطبا العلوي:

أكلما بلت في الهوى أملـي

 

ليلاً أتاني الصباح بالفـوت

صبح كمثل المشيب مطلعـه

 

يهجم في نوره على الموت

وقول أبي فراسٍ الحمداني:

مددنا علينا الليل والليل راضـعٌ

 

إلى أن تجلى رأسه بمـشـيب

ولاح لنا ضوء الصباح كـأنـه

 

مبادي نصولٍ في عذار خضيب

الباب العاشر في الدنيا والدهر

من أحسن ما قيل في ذمها قول ابن بسام:

أف من الدنيا وأيامـهـا

 

فإنها للحزن مخلوقـه

غمومها لا تنقضي ساعة

 

عن ملك فيها ولا سوقه

يا عجبي منها ومن شأنها

 

عدوة للناس معشوقـه

وقول ابن الرومي:

أتذكر ليلة ألعقت فـيهـل

 

وأنت وليدها عسلاً ومرا

لتعلم أن هذا الدهر يمسي

 

ويصبح كله حلواً ومرا

ومما يستحسن لأبي الفرج الكاتب قوله:

هي الدنيا تقول بمـلء فـيهـا

 

حذار حذار من بطشي وفتكي

ولا يغرركم حسن ابتسـامـي

 

فقولي مضحك والفعل مبكي

ومن أحسن ما قيل في مدحها قول محمد بن وهب:

ولكننا منها خلقنـا لـغـيرهـا

 

وما كنت منه فهو شيء محبب

ومن أبدع ما جاء في ذمها قول ابن المعتز:

عجباً للزمان في حـالـتـيه

 

وبلاء دفعت مـنـه إلـيه

رب يوم بكيت فيه فـلـمـا

 

صرت في غيره بكيت عليه

ومن قلائد ابن الرومي:

دهر علا قدر الوضـيع بـه

 

وترى الشريف يحطه شرفه

كالبحر يرسب فـيه لـؤلـؤه

 

سفلاً ويعلو فوقه جـيفـه

ومن ملح بعضهم في ذم الزمان:

نحن والله في زمان غـشـوم

 

لو رأيناه في الزمان فزعنا

أصبح الناس فيه من سوء حال

 

حق من مات منهم أن يهنـا

الباب الحادي عشر في الأمكنة والأبنية

من أحسن ما قيل في بغداد:

سافرت أبغي لبغداد وساكنهـا

 

مثلاً فحاولت شيئاً دونه الياس

هيهات بغداد الدنيا بأجمعـهـا

 

عندي وسكان بغداد هم الناس

وقول لآخر فيها أيضاً:

سقى الله بغداد من بلـدة

 

حوت كل ما لذ للأنفس

ولكنها منية الموسـرين

 

كما أنها حسرة المفلس

ومن أحسن ما سمعت في مدح مصر قول كشاجم:

أما ترى مصراً وقد جـمـعـت

 

بها صنوف الرياض في مجلس

السوسن الغض والبنفـسـج وال

 

ورد وصفر البهار والنرجـس

كأنها الجنة الـتـي جـمـعـت

 

ما تشتهيه العيون والأنـفـس

كأنما الأرض ألبسـت حـلـلاً

 

من فاخر العبقري والسنـدس

ومن أحسن ما قيل في دمشق قول الصنوبري:

صفت دنيا بدمشق لقاطنيهـا

 

فلست ترى بغير دمشق دنيا

تفيض جداول البلور فـيهـا

 

خلال حدائق ينبتـن وشـيا

مكللةً فواكهـن أبـهـى ال

 

مناظر في نواظرها وأهيا

فمن تفاحة لـم تـعـد خـداً

 

ومن أترجة لم تعـد ثـديا

ومن أبدع ما قيل في همذان قول القائل:

همذان متلفة النفوس ببردها

 

والزمهرير وحرها مأمون

غلب الشتاء مصيفها وربيعها

 

فكأنما تموزهـا كـانـون

ومن الملح في مدينة هراة:

هراة أرض خصبها واسع

 

ونبتها التفاح والنرجـس

ما أحد منها إلى غيرهـا

 

يخرج إلا بعدما يفلـس

ومن أملح ما قيل في بخارى:

أقمنا في بخارى كارهينـا

 

ونخرج إن خرجنا طائعينا

فأخرجنا إله الناس منـهـا

 

فإن عدنا فإنا ظالمـونـا

ومما يستظرف لأبي الربيع قوله في الشاش:

الشاش في الصيف جنه

 

ومن أذى الحر جنـه

لكننـي يعـتـرينـي

 

بها لدى البرد جنـه

ومما قيل في الدور والأبنية:

ومن المروءة للفتـى

 

ما عاش دار فاخره

فاقنع من الدنيا بهـا

 

واعمل لدار الآخره

وقول البحتري في الجعفري:

قد تم حصن الجعفري ولم يكن

 

ليتم إلا بالخليفة جـعـفـر

 

في رأس مشرفة حصاها جوهر

 

وترابها مسك يشاب بعنـبـر

مخضرة والغيث ليس بساكـب

 

ومضيئة والليل ليس بمقـمـر

ملأت جوانبها السماء وعانقـت

 

شرفاتها قطع السحاب الممطر

وقول بعض شعراء الصاحب:

دار على العز والتأييد مبناهـا

 

وللمكارم والعياء معنـاهـا

فاليمن أقبل مقروناً بيمنـاهـا

 

واليسر أقبل مقروناً بيسراها

لما بنى الناس في دنياك دورهم

 

بنيت في دارك الغراء دنياها

ولو رضيت مكان الفرش أعيننا

 

لم تبق عين لنا إلا فرشناهـا

وقال مؤلف الكتاب في القصر العالي:

وقصر مللك ترى كل الجمال به

 

وطالع السعد يبدو من جوانبه

كأنما جنة الفردوس قد نزلـت

 

إلى خوارزم تعجيلاً لصاحبـه

ومن أحسن ما قيل في انتقال الإمارة من يد إلى يد:

أقام بصحنها لؤم ابن سهـل

 

وفارق ربعها كرم الحسين

وكانت جنةً فغدت جحيمـاً

 

فيا بعد اختلاف الحالتـين

ومن أحسن ما قيل في الأوطان قول ابن الرومي:

وحبب أوطان الرجال إليهـم

 

مآرب قضاها الشباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتـهـم

 

عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا

وكان الصاحب ينشد كثيراً:

أكرم أخاك بأرض مولـده

 

وأمده من فعلك الحسـن

فالعز مطلوب وملتمـس

 

وأعزه ما نيل في الوطن

ومن أحاسن ذلك قول بعضهم:

إذا نلت في أرض معاشـاً وثـروةً

 

فلا تكثرن منها النزاع إلى الوطن

فما هي إلا بـلـدة مـثـل بـلـدة

 

وخيرهما ما كان عوناً على الزمن

ومن أحسن ما قيل في منتزهات الضياع:

شجر مـورق وظـل ظـلـيل

 

وبقاع كـأنـهـا كـافـوره

ورياض تهتز من زهـر الـرو

 

ض ومن كل طرفة باكـوره

بين نخـل وبـين كـرم ورمـا

 

ن وتفـاحة إلـى زعـروره

تتغنى الطيور فيهـا بـلـحـن

 

منه يبكي المهجور والمهجوره

أحسن ما سمعت في الماء الجاري قول بعضهم:

وماء على الرضراض يجري كأنه

 

صفائح تبر قد سبكـن جـداولا

كأن بها من شدة الـجـري جـنة

 

وقد ألبستهن الرياح سـلاسـلا

وقول أبي فراس في الماء يشق الروض:

حيث الـتـفـت رأيت مــا

 

ءً سـائحـاً ورأيت طــلا

والـمـاء يفـصـل بـين زه

 

ر الروض في الشطين فصلا

كبساط وشي جردت=أيدي القيون عليه نصلا وجلس يوماً في البستان والماء يندرج في البرك فقال:

انظر إلى زهر الـربـيع

 

والماء في البرك البديع

وإذا الرياح جرت علـي

 

ه في الذهاب أو الرجوع

نثرت على بيض الصفـا

 

ئح بيننا بعض الـدروع

وقال أيضاً في ذلك:

كأنما الماء عليه الـجـسـر

 

درج بياض خط فيه سطر

كأننا لما تـهـيا الـعـبـر

 

أسرة موسى يوم شق البحر

وأنشد بعضهم في حوض لبعض الرؤساء:

حوض يجود بجوهر متسلسل

 

ساد الجواهر كلها بنفاستـه

لا زال عذباً بـبـقـاء مـن

 

هو مثله في جوده وسلاسته

وقال مؤلف الكتاب:

أيا طيب عيشي أرى بركةً

 

تسوق إلى روضها ماءها

إذا أنت واجهتها في الدجى

 

حسبت الكواكب حصباءها

ومن أحسن ما قيل في الحمام قول السري:

قد أسعد الطالب مطلـوب

 

وفاز بالعز المنـاجـيب

فقم بنا ننعم في مـنـزل

 

نعيمه الذائب محبـوب

بيت بنته حكماء الـورى

 

فهو إلى الحكمة منسوب

مجاور النـار ولـكـنـه

 

يجاور الروح به الطيب

طاب فلو رد شباب امرئٍ

 

لارتد شباناً به الـشـيب

وقول مؤلف الكتاب:

وحمام له حر الجـحـيم

 

ولكن دأبه روح النسـيم

رأيت به ثواباً في عـذاب

 

وذقت به نعيماً في جحيم

الباب الثاني عشر في الطعاميات

ومن أحسن ما قيل في الإقلال من الطعام قول ابن العلاف:

لا بارك الله في الطـعـام إذا

 

كان هلاك النفوس في المجد

كم دخلت أكلة حـشـا شـره

 

فأخرجت روحه من الجسـد

وقول أبي الفتح البستي:

كل قليلاً تعش طويلاً وتسلـم

 

من عوادي الأسقام والأدواء

إنما يغتذي الكريم لـيبـقـى

 

وبقاء السفيه لـلإغـتـذاء

سئل أحد الصوفية عن أشعر الناس، فقال: ابن المعتز لقوله:

رأيت بيوتاً زينـت بـنـمـارقٍ

 

وزين من فيهن بالوشي والطرز

فلم أر ديباجاً ولم أر سـنـدسـاً

 

بأحسن في دار الكريم من الخبز

وأنشد أبو طالب المأموني لنفسه:

وإلى كم يكون بالخـل أدمـي

 

وقليل من الـبـقـول يسـير

هات أين الكباب أين الـقـلايا

 

أين رخص الشواء أين الفطير

أنا لا أترك البذنجـان والـبـط

 

يخ والتين أو يكون النـشـور

ومن أحسن ما سمعت في الفالوذج قول السري:

وأحمر مبيض الزجاج كـأنـه

 

رداء عروس مشرب بخلـوق

له في الحشا برد الوصال وطيبه

 

وإن كان يلقاه بلـون حـريق

كأن بياض اللوز في جنبـاتـه

 

كواكب لاحت في سماء عقيق

وأحسن ما سمعت في الخبيص قول أبي طالبٍ:

خبيصةٌ في الجام قد قدمت

 

مدفونٌ في اللوز والسكر

يأكل من يأكلـهـا جـمةً

 

بكفه فيها ولم يشـعـر

وحضر جحظة صديقاً له، فقدم إليه مضيرةً بعصيبٍ فلم توافقه، ولم يتبعها بما يدفع مضرتها، فقال:

ولي صاحبٌ لا قدس الله روحه

 

وكان من الخيرات غير قريب

أكلت عصيباً عنده في مضـيرةً

 

فيا لك من يومٍ علي عصـيب

ومما يستحسن للمأمون قوله:

قدم طعامك وابـذلـه لـمـن دخـلا

 

واحلف على من أبى واشكر لمن أكلا

ولا تكن سابري العرض محتـشـمـاً

 

من القليل فلست الدهر محـتـفـلا

وقول الآخر في ترك التحميد في وسط الأكل:

وحمد الله يحسن كل وقـتٍ

 

ولكن ليس في وقت الطعام

لأنك تزجر الأضياف عنـه

 

وتأمرهم بإسراع الـقـيام

وتؤذيهم وما شبعوا بشـبـعٍ

 

وذلك ليس من خلق الكرام

وأحسن ما قيل في إكرام الضيف قول المحدث:

وكونوا خدم الـضـيف

 

إذا الضيف بكم ينـزل

وكونوا عنـده الأضـيا

 

ف والضيف له المنزل

وقول بعضهم في الهشاشة للضيف:

أضاحك ضيفي قبل إنـزال رحـلـه

 

لينزل عندي والـمـحـل جـديب

وما الخصب للأضياف أن تكثر القرى

 

ولكنما وجه الـكـريم خـصـيب

ومن أحسن ما قيل في إكرام مطية الضيف:

مطية الضيف عندي مثل صاحبهـا

 

لا أكرم الضيف حتى أكرم الفرسا

ومما قيل في ذم البخلاء:

إني لأصبو إلى البيض الحسان كما

 

تصبو قدور أبي عمروٍ إلى المرق

الجوع أرقني لـمـا نـزلـت بـه

 

فكدت أتلف بين الجـوع والأرق

ولآخر:

جئته زائراً فقال لي البوْ

 

وَاب صبراً فإنه يتغدى

من أملح ما قيل في ذم الطفيلي قول السلمي:

لو طبخت قدرٌ بمـطـمـورةٍ

 

بالشام أو أقصى حدود الثغور

وأنت بالصـين لـوافـيتـهـا

 

يا عالم الغيب بما في القدور

وقول الآخر:

يا وارث التطفيل عن والـدٍ

 

احكمه بالذوق والـحـذق

تأكـل أرزاق بـنــي آدمٍ

 

هل أنت مخلوقٌ بلا رزق

الباب الثالث عشر في النساء والتشبيب

ومن أحسن ما قيل في مدح النساء قول بعضهم:

إن النساء رياحينٌ خلقن لكم

 

وكلكم يشتهي شم الرياحين

وأحسن منه قول الآخر:

فنحن بنو الدنيا وهن بناتهـا

 

وعيش بني الدنيا لقاء بناتها

ومن أحسن ما قيل في ذمهن:

إن النساء كأشجارٍ نبتن مـعـاً

 

منهن مرٌ وبعض المر مأكول

إن النساء متى ينهين عن خلـقٍ

 

فإنه واجبٌ لا بد مـفـعـول

فإنه واجبٌ لا بد مفعول من أحسن ما قيل في أخلاق النساء قول علقمة:

وإن تسألوني بالنساء فـإنـنـي

 

خبيرٌ بأدوار النساء طـبـيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله

 

فليس له في ودهن نـصـيب

ولأبي تمام في هذا المعنى:

أحلى الرجال من النساء مواقعاً

 

من كان أشبههم بهن خـدودا

ومن أحسن ما جاء في هذا الباب قول بعضهم:

إذا هن قابلـن نـور الـمـشـي

 

ب أدبرن من ذلك النـور نـورا

وإن هن قابلـن نـور الـخـضـا

 

ب أعرضن عن ذلك الزور زورا

ولأبي تمام في سوء عهدهن:

فلا تحسبا هنداً لها الغدر وحدها

 

سجية نفس كل غانيةٍ هـنـد

ومن أحسن ما قيل في غزلهن قول المؤمل:

شكوت ما بي إلى هندٍ فما اكترثت

 

يا قلبها أحديدٌ أنـت أم حـجـر

إذا مرضنا أتيناكـم نـعـودكـم

 

وتذنبون فنأتـيكـم ونـعـتـذر

وقول بعضهم:

وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي

 

متأخـرٌ عـنـه ولا مـتـقـدم

أجد المـلامة فـي هـواك لـذيذةً

 

حباً بذكرك فليلمـنـي الـلـوم

أشبهت أعدائي فصرت أحـبـهـم

 

إذ كان حظي منك حظي منهـم

وأهنتني فأهنت نفسـي صـاغـراً

 

ما من يهون عليك ممـن يكـرم

وقول العباس بن الأحنف:

أحرم منكم بما أقـول وقـد

 

نال به العاشقون من عشقوا

صرت كأني ذبالٌ نصـبـت

 

تضيء للناس وهي تحترق

أحسن ما قيل في شعر المرأة:

فرعاء تسحب من قيام شعرها

 

وتغيب فيه وهو شعرٌ أسحم

فكأنها فيه نهـارٌ مـشـرقٌ

 

وكأنه ليلٌ عليها مـظـلـم

وقول عبيد الله بن طاهر:

سقتني في ليلٍ شبيهٍ بشـعـرهـا

 

شبيهة خديهـا بـغـير رقـيب

فما زلت في ليلين شعرٌ ومن دجىً

 

وشمسين من راحٍ وخد حبـيب

وما أحسن ما قال البحتري:

غداة تثنـت لـلـوداع وسـلـمـت

 

بعينين موصولٌ بأجفانها السـحـر

توهمتها ألوى بأجفانـهـا الـكـرى

 

كرى النوم أو مالت بأعطافها الخمر

ومما يقطر منه ماء الظرف قول كشاجم:

يا من لأجفـان قـريحـه

 

سهدت لأجفانٍ ملـيحـه

لم تترك المقل الـمـري

 

ضة في جارحةً صحيحه

ولم أسمع في هذا المعنى أحسن من قول أبي العشائر في المذكور:

للعبد مسألة إليك جـوابـهـا

 

إن كنت تذكره فهذا وقتـه

ما بال ريقك ليس ملحاً طعمه

 

ويزيدني عطشاً إذا ما ذقته

وقول مؤلف الكتاب:

ثغرٌ كمثل البرق حسن برقه

 

يشفي عليل المستهام بريقه

قد بت ألثمه وأرتشف المنى

 

من ثغره وعقيقه ورحيقه

وما أحسن قول الآخر:

هي الخمر في حسنٍ بل الخمر ريقها

 

ورقة ذاك اللون في رقة الخمـر

فقد جمعت فيهـا خـمـورٌ ثـلاثةٌ

 

وفي واحدٍ سكرٌ يزيد على السكر

وقول ابن سكره:

الخد وردٌ والصـدغ غـالـيةٌ

 

والريق خمرٌ والثغر من برد

لكل جزءٍ من حسنهـا بـدعٌ

 

تودع قلبي روائع الكـمـد

وقول أبي نواس:

يا قمراً أبصرت في مأتـمٍ

 

يندب شجواً بين أتـراب

يبكي فيلقي الدر من نرجس

 

ويلطم الورد بـعـنـاب

وقول أبي الفرج:

قالت وقد فتكت فينا لواحـظـهـا

 

ألم يكن لقتيل الحب مـن قـود

وأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت

 

ورداً وعضت على العناب بالبرد

ومن ملح إبراهيم بن المهدي قوله:

أنت تفاحتي وفيك مع التف

 

اح رمانتان في غصن بان

وإذا كنت لي وفيك الذي في

 

ك فما حاجتي إلى البستان

وقول بعض المحدثين:

هي البدر إلا أن فيها لحسنـهـا

 

رقائق ليست في هلال ولا بكر

وتنظر في وجه القبيح بحسنهـا

 

فتكسوه حسناً باقياً آخر الدهـر

ومن أحسن ما قيل في الثدي قول بعضهم:

كأن الثـدي إذا مـا بـدت

 

وزان العقود بهن النحورا

حِقاقٌ من الدر مكـبـوبةٌ

 

يسعن من الدر شيئاً يسيرا

وقال ابن الرومي وأبدع:

صدور فوقهن حقاق عـاجٍ

 

ودر زانه حسن اتـسـاق

يقول القـائلـون إذا رأوه:

 

أهذا الحلي من تلك الحقاق

وكان الأستاذ الطبري يطرب على قول السري:

ومن وراء سجوف الرقم شمس ضحىً

 

تجول في جنح ليل مظـلـم داجـي

مقدودة خرطت أيدي الشبـاب لـهـا

 

حقين دون مجال العقد مـن عـاج

ومما يستحسن في وصف الثدي قول المهلبي الوزير:

أقاتلتي بانكسار الجـفـون

 

ومستوفزين على معصر

كحقين من لب كـافـورةٍ

 

برأسيهما نقطتا عنـبـر

ومن الإفراط في وصف العجيزة قول المؤمل:

من رأى مثل غادتي

 

تشبه البدر إذا بدا

تدخل اليوم ثـم تـد

 

خل أردافها غـدا

ومن أحاسن ما قيل في حديث النساء:

وحديثها كالقطر يسمعـه

 

راعي سنين تتابعت جدبا

فأصاخ يرجو أن يكون حياً

 

يقول من فرج أيا ربـا

ويستحسن جداً لبشار قوله:

كأن رجـع حـديثـهـــا

 

قطع الرياض كسين زهرا

وكأن تـحـت لـسـانـهـا

 

هاروت ينفث فيه سحـرا

وللبحتري:

ولما التقينا واللوى موعد لـنـا

 

تعجب رائي الدر منا ولاقطه

فمن لؤلؤٍ تجلوه عند ابتسامتهـا

 

ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه

ومن أحاسن بشار قوله في فرج المرأة:

صفراء من سرب بني مالك

 

لها حر من بطنها أرفـع

وقول ابن الرومي في وصفه:

لها هن تـسـتـعـير وقـدتـه

 

من قلب صب وصدر ذي حنق

كأنـمـا حـره لـحـــائزه

 

ما التهبت في حشاه من حرق

وقول دعبل في هجاء النساء:

صدغاك قد شمطا ونحرك بارز

 

والصدر منك كجؤجؤ الطنبور

يا من معانقهـا يبـيت كـأنـه

 

في محبس صعب وفي ساجور

قبلتها فوجدت لـدغة ريقـهـا

 

فوق اللسان كلدغة الزنـبـور

ولابن الرومي في كثيرة:

فقدتك يا كثـيرة كـل فـقـد

 

وذقت الموت أول من يموت

فقـد أوتـيت فـم وفــرجٍ

 

كأنك من كلا طرفيك حوت

الباب الرابع عشر في الغزل المذكر

مما يستظرف في التمتع بالمرء قول بعضهم:

جعلت فداك ما اخترتـك إلا

 

لأنك لا تحيض ولا تبيض

ولو ملنا إلى وصل الغواني

 

لضاق بنسلنا البلد العريض

وقال مؤلف الكتاب من أحسن ما سمعت في الغلام الصغير:

قالوا عشقت صغيراً قلت أرتع في

 

روض المحاسن حتى يينع الثمر

ربيع حسنٍ دعاني لافتتاح هـوىً

 

لما تفتح منه النـور والـزهـر

وأظرف ما قيل في الجارية الصغيرة قول بعضهم:

قالوا عشقت صغيرةً فأجبتـهـم

 

أشهى المطي إلى ما لم يركب

كم بين حبة لؤلـؤةٍ مـثـقـوبةٍ

 

نظمت وحبة لؤلؤٍ لم تثـقـب

ولبعض الجواري في مناقضته:

إن المطايا لا يلذ ركوبهـا

 

حتى تذلل بالزمام وتركبا

والدر ليس بنافعٍ أصحابـه

 

حتى يعالج بالسموط ويثقبا

ومن أحسن ما قيل قول الصنوبري في غلامٍ يكتب:

انظر إلى أثر الـمـداد بـخـدِّه

 

كبنفسج الروض المشوب بورده

ما أخطأت لاماته من صـدغـه

 

شيئاً ولا ألـفـاتـه مـن قـده

وكأنما أنفـاسـه مـن شـعـره

 

وكأنما قرطاسه مـن جـلـده

وقوله فيه أيضاً:

ما كنت أحسب أن الخنجر الـقـلـم

 

من قبل هـذا، ولا أن الـمـداد دم

حتى كتبت، فما أبـقـيت جـارحةً

 

إلا وفيها على مـقـدارهـا ألـم

يا كاتباً جرحت روحي كـتـابـتـه

 

والجرح في الروح جرحٌ ليس يلتئم

اذهب فحق أمـيرٍ أنـت كـاتـبـه

 

أن لا يقوم له عـربٌ ولا عـجـم

وقول كشاجم فيه:

ورأيته في الطرس يكتب مرةً

 

غلطاً يواصل محوه برضابه

فوددت أني في يديه صحـيفةٌ

 

ووددت ألا يهتدي لصوابـه

وقول آخر:

وددت أني بكفه قـلـمٌ

 

وليتني مدةٌ على قلمه

يكتب بي تارةً ويلثمني

 

إذا تعلقت شعرةٌ بفمه

ولأبي الفتح البستي في من يتكلم بالنحو:

أفدي الغزال الذي في النحو كلمـنـي

 

بلفظه فاجتنيت الشهد من شـفـتـه

وأورد الحجج المقـبـول شـاهـدهـا

 

محققاً ليريني فضـل مـعـرفـتـه

ثم افترقنا علـى أمـرٍ رضـيت بـه

 

فالرفع من صفتي والنصب من صفته

ولبعضهم في غلامٍ حسن الخطين:

لما تكبر خط الـحـبـر فـي يده

 

ومات خط جميع الناس من حسده

بدا من الحسن خطٌ في عوارضـه

 

حتى ثنى من عنان الكبر خط يده

ولآخر فيه أيضاً:

كلا الخطين من حبي مليح

 

وقلبي منهما دنفٌ جريح

فخـط عـذاره مـسـكٌ

 

وخط كتابـه درٌ يلـوح

وقيل في غلامٍ يصلي:

جاء يسعى إلى الصلاة بوجهٍ

 

يخجل البدر طالعاً بالسعود

فتمنيت أن وجـهـي أرضٌ

 

حين أوما بوجهه للسجـود

وقيل في غلامٍ حاجٍ:

أيا زائر البيت العتيق وتـاركـي

 

قتيل الهوى لو زرتني كان أجدرا

تحج اكتساباً ثم تقتـل عـاشـقـاً

 

فليتك لا تحجج ولا تقتل الـورى

ومما قيل في غلامٍ محرمٍ قول أبي طالٍ الرقي:

ومشتملٍ ثوبي عـفـافٍ وفـتـنةٍ

 

يرى قتل من يهواه للنسك مسلكا

إذا طاف بالأركان طاف به الورى

 

فيقضي ولا يقضون للحج منسكا

جنى اللحظ من خديه ورداً معنبراً

 

ومن عارضيه ياسميناً ممسـكـا

فيا رائحاً منـه بـأوفـر فـتـنةٍ

 

تجهز لعامٍ بعد هذا لـعـلـكـا

ومما قيل في غلامٍ غازٍ قول أبي الفرج:

يا غازياً أتت الأحـزان غـازيةً

 

إلى فؤادي والأحشاء حين غزا

إن بارزتك كماة الروم فارمهـم

 

بسهم عينيك يقتل كل من برزا

ومما قيل في غلامٍ منازلٍ:

منازلٌ في غـاية الـحـذق

 

فاق حسان الغرب والشرق

شبهته والسيف فـي كـفـه

 

بالبدر إذ يلعب بالـبـرق

وكما قيل في غلامٍ بيده صولجان قول مؤلف الكتاب:

وصولجـانٌ بـيدي شـادنٍ

 

لا يجسر العاشق أن يذكره

وصولجان المسك من صدغه

 

متخذٌ حبة قلـبـي كـره

من أظرف ما قيل في غلامٍ فارسيٍ قول محمدٍ بن عبد الملك:

راح علينا راكباً طـرفـه

 

أغيد مثل الرشا الآنـس

كأنه من تيهـه طـاهـرٌ

 

حين سطا بالملك السادس

كم قلت إذ مر بنا فارسـاً

 

يا ليتني خادم ذا الفارس

ومما قيل في غلامٍ بيده باشقٌ:

مر بنا فـي كـفـه بـاشـقٌ

 

فيه وفي الباشق شيءٌ عجيب

ذاك يصيد الطير من حـالـقٍ

 

وذا بعينيه يصيد الـقـلـوب

ومما قيل في غلامٍ تركي:

البدر في ظل الغمامة والـنـقـا

 

في سرجه والغصن في الخفقان

حييته ولعاً فأمـطـر راحـتـي

 

قبلاً فليت فمي مكان بنـانـي

ورمى بلحظه الفؤاد وسـهـمـه

 

فعجبت كيف تشابه السهـمـان

وقال غيره:

قلبي أسيرٌ في يدي مقـلةٍ

 

تركيةٍ عيل بها صبـري

كأنها من ضيقهـا عـروةٌ

 

ليس لها زرٌ سوى السحر

ومما قيل في الترك:

يا ترك ماذا لقينا من بناتـكـم

 

يا ليت أن بنات الترك لم تكن

هم العدو فإن لم نسبهم كثـروا

 

وإن سبوا فسباياهم من الفتن

ومما قيل في غلامٍ بزازٍ قول عبد الرحمن:

ومهفهفٍ ملك الجمال وحـازا

 

خط الجمال بعارضيه طرازا

سميته قمراً فكـان حـقـيقةً

 

وغدا به قمر الزمان مجازا

ما بـاع بـزا قـط إلا أنــه

 

بز القلوب فسمي الـبـزازا

ومما قيل في غلامٍ جزارٍ:

بموضع الخرزلـى غـزالٌ

 

أوقعني الحب في شباكـه

تفعل ألحاظـه بـقـلـبـي

 

كفعل ذي الصيد في شراكه

ومما قيل في غلامٍ أيضاً:

با فاتناً ذبت من شوقي إلى فمـه

 

عيناك أنفذ في قلبي من الأسل

إني أتيتك كيما أشتري عـسـلاً

 

فلا تبعني غير الريق في عسل

مما قيل في قادمٍ من سفرٍ:

نفسي الفداء لغائب عن مقلتـي

 

ومحله في القلب دون حجابه

لولا تمتع مقلـتـي بـلـقـائه

 

لوهبتها لمبـشـري بـإيابـه

وللصاحب في غلامٍ صائمٍ:

راسلت من أهواه أطلب زورةً

 

فأجابني أو لست في رمضان

فأجبته والقلب يخفق صـبـوةً

 

الصوم عن بر وعن إحسـان

صم إن أردت تعففاً وتحرجـاً

 

عن أن تكيد الناس بالهجران

أو لا فزرني والظلام مجلـلٌ

 

واحسبه يوماً مر من شعبان

وللمأمون في غلامٍ دخل البستان:

مر إلى البستان بـسـتـان

 

ليجتني الريحـان ريحـان

تنزه البستان في حـسـنـه

 

مذ سجدت للغصن أغصان

وله أيضاً في غلامٍ عليه درعٌ وحريرٌ:

أيها المختال ثـوبـا

 

ه حـريرٌ وحـديد

جئت للعـيد ولـلأع

 

ين من وجهك عيد

إن من نال وصـالاً

 

منك مجدودٌ سعيد

أنت في الجند ولكن

 

لك في الناس جنود

وقال مؤلف الكتاب في غلام عليه منطقةٌ:

خليلي إني من محبـتـي الـعـلـى

 

بلي بعلوي الصفات أخي الـبـدر

فعقد الثريا مسـتـكـن بـثـغـره

 

ومنطقة الجوزاء في خصره تجري

ولآخر في غلامٍ يرمي:

ظبيٌ رماني بسهم حتـفٍ

 

لما انبرى نازعاً بسهـم

يجذب قلبـي إلـى هـواه

 

كجذبة القوس حين يرمي

ومما قيل في غلامٍ لابس سيفٍ:

يا لابس السيف والسـواد

 

وراكب الأبلق الجـواد

سيفك في غمده المحلـى

 

وسيف عينيك في فؤادي

قال مؤلف الكتاب في غلامٍ مضيفٍ:

فديتك ما هذا الـتـحـشـم كـلـه

 

لدعوة عبدٍ روحـه بـك تـرتـاح

ولم كل هذا الاحتشام بـمـجـلـسٍ

 

يزينه الريحان والشمـس والـراح

وفيك غنى عن كل شيءٍ يروقـنـي

 

ووجهك لي في ظلمه الليل مصباح

وريقك لي خمرٌ وعيناك نـرجـسٌ

 

وصدغك لي آسٌ وخـدك تـفـاح

وللصاحب في غلامٍ عاشقٍ:

بدا لنا كالبدر فـي شـروقـه

 

يشكو غزالاً لج في عقوقـه

يا عجبي للدهر في طـروقـه

 

من عاشقٍ أحسن من معشوقه

ومما قيل في غلامٍ دخل الماء:

باشر الماء وهو في رقة الجل

 

دة كالماءٍ غير أنه ليس يجري

خمش الماء جلده الرطب حتى

 

خلته لابساً غلالة خـمـري

ومما قيل في غلام استعمل النورة:

ومجردٍ كالسيف أسلم نفسـه

 

لمجردٍ يكسوه مالا ينـسـج

ثوبٌ تمزقـه الأنـامـل رقةً

 

ويذيبه الماء القراح فيبهج

فكأنه لما استوى في خصـره

 

نصفان ذا عاجٌ وذا فيروزج

ومما قيل في غلام حلقت طرته:

قل لمن راح عند حلقٍ ليجلى

 

شعره شامتاً كمدرك ثـار

يعلم الله ما بقـلـبـك مـذ آ

 

ذن صبح الجمال بالإسفـار

كان كالبدر في قناع ظـلامٍ

 

وهو الآن مثل شمس النهار

ولبعضهم فيه:

حلقوا رأسه ليكسوه قبـحـا

 

خيفة منهم عليه وشـحـا

كان قبل الحِلاق ليلاً وصبحا

 

فمحوا ليله وأبقوه صبحـا

ومما قيل في غلامٍ خياطٍ:

أيا من رأى البدر بدر السما

 

يروح ويغدو إلى سوقـه

إذا مزق الثوب مقراضـه

 

يمزق قلبي كتمـزيقـه

وقال مؤلف الكتاب في غلامٍ خبازٍ:

برأس سكة عمـارٍ لـنـا قـمـرٌ

 

من وجه عثمان يا طوبى لخبزته

إذ قوت أجسامهم ممـا يبـيعـهـم

 

وقوت أرواحهم من حسن صورته

وله فيه أيضاً:

قولوا لعثمان في أوقات طيبتـه

 

إذا تبسـم عـن در وياقـوت

إني أراك تبيع الناس قوتـهـم

 

ففيم تمنع عني القوت يا قوتي

ومما قيل في غلامٍ بيده غصن نورٍ قول ابن سكرة:

غصن بانٍ أتى وفي اليد منه

 

غصنٌ فيه لؤلؤٌ منظـوم

فتحيرت بين غصنين في ذا

 

قمرٌ طالعٌ وفي ذا نجـوم

ومما قيل في غلامٍ مخمور قول ابن المعتز:

ومقتول سكرٍ عاش لي إن دعوته

 

يبادر مسروراً يرى غيه رشدا

وقام يكفـيه بـقـايا خـمـاره

 

وعيناه من خديه قد جنتـا وردا

ومما قيل في غلامٍ مجدورٍ:

وقالوا شانه الجدري فانظر

 

إلى وجهٍ به أثر الكلـوم

فقلت: ملاحةٌ نثرت علـيه

 

وما حسن السماء بلا نجوم

ومما قيل في غلامٍ أعجمي قول أبي تمام:

لدن البنان له لسانٌ معـجـمٌ

 

خرسٌ نواحيه ووجهٌ معرب

ومما قيل في غلامٍ جسيمٍ قول القاضي التنوخي:

قالوا: عشقت عظيم الجسم قلت لهم

 

الشمس أعظم جرمٍ جاده الفلـك

وقال مؤلف الكتاب فيه:

هل سبيلٌ إلى عناقٍ كمـا عـا

 

نقت عند الفراق يوم الـوداع

شادناً فاتناً سمينـاً جـسـيمـاً

 

ملء عيني وملء قلبي وباعي

ومما قيل في غلامٍ يظلل من الشمس قول ابن العميد:

ظلا تظللني من الشمـس

 

نفسٌ أعز علي من نفسي

فأقول يا عجبي ومن عجبٍ

 

شمسٌ تظللني من الشمس

ومما قيل في غلامٍ ينفخ في الجمر قول الصنوبري:

وجهك فوق النار في حسنها

 

وفوك فوق المسك والعنبر

ومما قيل في غلامٍ يرش ماء الورد قول ابن سكره:

ليت شعري عن ماء وردك هذا

 

هو من جنتيك أم شفـتـيكـا

رق جسماً وطاب عرفاً فقد دل

 

ل بأوصافه الحسان علـيكـا

ومما قيل في غلامٍ سلس القياد قول بعضهم:

أرسلت في وصف صديقٍ لنا

 

ماحقه الكتبة بالعـسـجـد

في الحسن طاووسٌ ولكنـه

 

أسجد في الخلوة من هدهد

ومما قيل في غلامٍ معقرب الوجه قول ابن المعتز:

ظبيٌ يتيه بحسن صـورتـه

 

عبث الدلال بلحظ مقلـتـه

وكأنه عقرب صدغه احترقت

 

لما دنت من نار وجنـتـه

وقال مؤلف الكتاب فيه:

بنفسي هلالٌ يخال الهـلال

 

لتلك المحاسن منه حسودا

كأن عقـارب أصـداغـه

 

غذين بمسكٍ فأصبحن سودا

ومما قيل في غلامٍ التحى:

قال العذول أتت حبيبك لحـيةٌ

 

حكمت بأن البدر منه يكسف

فأجبتهم والقول مني فيصـلٌ

 

هي حليةٌ لا لحيةٌ فلتنصفوا

قال مؤلف الكتاب في غلامٍ مسافرٍ:

فديت مسافراً ركب الفيافي

 

وأثر في محاسنه السفار

فمسك خد ورديه السوافي

 

وعنبر مسك خديه الغبار

ومما قيل في غلامٍ آلمه الضرس:

عجباً لضرسك كيف يشكو علةً

 

وبجنبه من ريقك الـتـرياق

هلا حمدت سقام ناظرك الذي

 

عافاك وابتليت به العشـاق

 

أو عقربي صدغيك إذ لدغا الورى

 

وحماك من حمتيهما الـحـلاق

ومما قيل في غلامٍ به رمد قول ابن المعتز:

قالوا اشتكت عيناه قلت لـهـم

 

من كثرة الفتك مسها الوصب

حمرتها من دماء من فتـكـت

 

والدم في النصل شاهدٌ عجب

ولعبيد الله بن عبد الله بن طاهرٍ فيه أيضاً:

يا من تشكى ألم الـعـين

 

حاشا لعينيك من الشـين

عينٌ من الناس أصابتهمـا

 

ما أسرع العين إلى العين

لو كان مما يشترى مثلـه

 

لابتعته بالعـين والـدين

أو كان ما يمكن تحـويلـه

 

حولت شكواك إلى عيني

ومما قيل في غلامٍ جربٍ قول الوأواء:

يا صروف الدهر حسبي

 

أي ذنبٍ كان ذنـبـي

علةٌ خصت وعـمـت

 

في حبيبٍ ومـحـب

دب في كفيه مـا مـن

 

حبه دب بـقـلـبـي

فهي تشكو حـر حـبً

 

واشتكائي حـر حـب

ومما قيل في غلامٍ ذمي:

وما أنس لا أنس ظبي الكناس

 

يريد الكـنـيسة مـن داره

فيا حسن مـا فـوق أزراره

 

ويا طيب ما تحت زنـاره

ومما قيل في غلامٍ أصابه سهمٌ فمات:

فإن تك قد أصبت بسهـم رامٍ

 

وكانت قوسه سبباً لحتـفـك

فكم يومٍ أدمت القـتـل فـيه

 

بقوسي حاجبيك وسهم طرفك

ومن أحاسن ما قيل في لطائف الغزل قول ابن الرومي:

أصف الحبيب ولا أقول كأنه

 

كلا لقد أمسى من الأفراد

إني لأستحيي محاسن وجهه

 

أن لا أنزهها عن الأنـداد

وقول السري الموصلي:

بنفسي من رد التحـية ضـاحـكـاً

 

فجد بعد اليأس في الوصل مطمعي

وحلت دموع العين بـينـي وبـينـه

 

كأن دموعي فيه تعشقـه مـعـي

وقول الآخر:

فؤادي كفيك إذا ما نطـقـت

 

وصبري كخصرك من رقته

وبالجسم مني الذي يشتـكـي

 

ه طرفك من غير ما علتـه

أشبه وعدك فـيمـا وعـدت

 

بعقرب صدغك في عطفته

وأزداد فـي كـل يومٍ هـوىً

 

وحسنك يزداد في فتنـتـه

ومن أحاسن الصابي قوله:

مر ما بي من أجلك اليوم حلو

 

وعذابي في مثل حبك عذب

وقول أبي فراسٍ الحمداني:

وشادنٌ قال لي لـمـا رأى سـقـمـي

 

وضعف جسمي والدمع الذي انسجمـا

أخذت دمعك من جسمي وجسمـك مـن

 

خصري وسقمك من طرفي الذي سقما

وقول مؤلف الكتاب:

أنا يا صاح لست عنـد بـصـاح

 

أنت روحي وراحتي أنت راحي

ومتى لاح برق ثغرك عـنـدي

 

مطرتني سـحـابة الإرتـياح

وقال أيضاً:

يا قبلة العـشـاق يا مـن بـه

 

ستر الهوى بين الورى منتهك

جردت من لحظك سيفا فـلـم

 

أغمدته في قلب عبد الملـك

وقال أبو فراسٍ الحمداني:

سكرت من لحظه لا من مدامته

 

ومال بالنوم عن عيني تمايلـه

ألوى بعزمي أصداغٌ لـوين لـه

 

وغال صبري ما تحوي غلائله

وما السلاف دهتني بل سوالفـه

 

ولا الشمول ازدهتني بل شمائله

ولغيره:

يا عليلاً جعل العـل

 

لة مفتاحاً لسقمـي

ليس في الدنيا علـيلٌ

 

غير جفنيك وجسمي

وللصاحب في العذار:

لما بدا العارض في خـده

 

زاد الذي ألقى من الوجد

وقلت للعذال: يا من رأى

 

بنفسجاً يطلع مـن ورد

ولبعضهم:

يا ذا الذي خط الجمال بوجهـه

 

خطين هاجا لوعةً وبـلا بـلا

ما كنت أعرف أن لحظك صارمٌ

 

حتى لبست بعارضيك حمـائلا

وللصاحب:

خط ألـم بــخـــده

 

فازداد عاشقـه ألـم

والسيف يحسن في الجلا

 

والنور يبدو في الظلم

والطرس أحسن ما يكو

 

ن إذا جرى فيه القلـم

ولبعضهم في التحاء الغلام:

قللت لما تشوكت عـارضـاه

 

وأزال الظلام ضوء نهـاره

ما الذي قد بدا فقال مـجـيبـاً

 

كل من مات سودوا باب داره

وله فيه أيضاً:

التحى قاسم فشـق عـلـيه

 

كل بدرٍ يدنو الكسوف إليه

يا عذاريه فوق خديه يا صد

 

غيه يا مقلتيه يا وجنـتـيه

كنت أبكي علي منه فلـمـا

 

مات يوم التحى بكيت عليه

وللقاضي التنوخي:

قلت لأصحابي وقـد مـربـي

 

منتقباً بعد الضيا بالـظـلـم

باللـه يا أهـل ودادي قـفـوا

 

كي تبصروا كيف زوال النعم

الباب الخامس عشر في الشباب والشيب

أحسن ما قيل في مدح الشباب قول هارون بن المنجم:

أعط الشـبـاب نـصـيبـه

 

ما دمت تعذر بالشـبـاب

وانـعـم بـأيام الـصـبـا

 

واخلع عذارك في التصابي

ومما يليق بهذا الفصل قول السري:

قم فانتصف من صروف الدهر والنوب

 

واجمع بكأسك شمل اللهو والطـرب

فالعيش في ظل أيام الـصـبـا فـإذا

 

فارقت غصن الشباب الغص لم يطب

جريت في حلبة الأهواء مجـتـهـداً

 

وكيف أقصر والأيام في طـلـبـي

ومن أحسن ما قيل في حلول الشيب قبل وقته قول ابن المعتز:

صدت شرين وأزمعت هجري

 

وصغت ضمائرها إلى الغدر

قالت: كبرت وشبت، قلت لها:

 

هذا غبار وقـائع الـدهـر

ولغيره:

أفي أربع من بعد عشرين عشتها

 

طلوع مشيبٍ إن ذا لعـجـيب

ومن أبلغ ما قيل في التأسف على الشباب قول منصورٍ:

ولا غرو لو لاقى الذي قد لقيته

 

غرابٌ لقد كان الغراب يشيب

ما تنقضي حسرةٌ مني ولا جزع

 

إذ ذكرت شباباً ليس يرتجـع

ما كنت أوفي شبابي كنه عزته

 

حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع

أبكي شباباً سلبناه وكـان ومـا

 

يوفي بقيمته الدنيا وما تسـع

ومما قيل في التأسف على الشعر الأسود:

وكنت إذا سرحت بالمشط عارضي

 

رأيت سحيق المسـك بـين يديا

فصرت إذا خللته بـأصـابـعـي

 

تناثر كـافـورٌ بـهـن عـلـيا

ومن أحاسن بعضهم:

وأنكرت شمس الشيب في ليل لمتي

 

لعمرك ليلي كان أحسن من شمسي

كأن الصبا والشيب يطمـس نـوره

 

عروس أناسٍ مات في ليلة العرس

ومما قيل في كراهة النساء الشيب:

رأين الغواني الشيب لاح بعارضي

 

فأعرضن عني بالخدود النواضر

وكن إذا أنصرنني أو سمعن بـي

 

جرين فقرعن الكوى بالمحاجـر

وقول ابن المعتز:

تولى الجهل وانقطع العـتـاب

 

ولاح الشيب وافتضح الخضاب

لقد أبغضت نفسي في مشيبـي

 

فكيف تحبني الخود الكـعـاب

وقول بعضهم:

ولقـد رأيت صـعـيرةً

 

مسحت عذاري بالخمار

قالت غبـارٌ قـد عـلا

 

ك فقلت ذا غير الغبار

هذا الذي نقل الـمـلـو

 

ك إلى القبور من الديار

وقول ابن المعتز:

يا ذا الذي كتم المشيب وقد فشـا

 

قل لي متى سقط الغراب عليكا

وقول الصاحب:

ما بال وسنى عرضتني

 

عند شيبـي لـلأذى

تقول بعداً بـعـدمـا

 

كانت تقول حـبـذا

وكنت كحل عينـهـا

 

فصرت فيها كالقذى

وقول أبي الفتح البستي في ذم الشيب:

دع دموعي يسلن سيلاً بـدارا

 

وضلوعي يصلين بالوجد نارا

قد أعاد الأسى نهـاري لـيلاً

 

مذ أعاد المشيب ليلي نهـارا

ومن أحسن ما قيل في قص الشيب قول البحتري:

شعراتٌ أقـصـهـن ويرجـع

 

ن رجوع السهام في الأغراض

وقول ابن المعتز:

ألست ترى شيبا برأسـي شـامـلاً

 

ونت حيلتي عنه وضاق به ذرعي

كأن المقاريض التي تعـتـورنـه

 

مناقير طيرٍ ينتقي سنبل الـزرع

وقال الأمير أبو الفضل الميكالي: [مجزور الرجز]:

أحسن أيام الفـتـى

 

ما قيل عنها حدث

شبابه مـن فـضةٍ

 

والشيب فيها خبث

ومما قيل في إنذار الشيب بالموت قول محمودٍ:

الشيب إحدى الموتتين تقدمت

 

إحداهما وتأخرت أخراهما

وكأن من حلت به صغراهما

 

يوماً فقد حلت به كبراهما

وقال ابن المعتز:

يا خاضب الشيب بالحناء تستره

 

سل الإله له ستراً من النـار

لن يرحل الشيب عن دارٍ يلم بها

 

حتى يرحل عنها صاحب الدار

وقول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:

تضاحكت لمـا رأت

 

شيبا تلالا غـرره

وقد رأت دمعي على

 

خدي تجري درره

قلت لها لا تعجبـي

 

أنبيك عندي خبـره

هذا غمامٌ لـلـردى

 

ودمع عيني مطره

وقال غيره:

من شاب قد مـات وهـو حـي

 

يمشي على الأرض مشي هالك

وقول مؤلف الكتاب:

أبا منصورٍ المغرور أقـصـر

 

وأبصر طرق أصحاب الرشاد

ألست ترى نجوم الشيب لاحـت

 

وشيب المرء عنوان الفسـاد

ومن أحسن ما قيل في الإشفاق من الشيب قول مسلم:

الشيب كره وكـرهٌ أن يفـارقـنـي

 

فاعجب لشيءٍ على البغضاء مودود

يمضي الشباب وقد يأتي له خـلـفٌ

 

والشيب يذهب مفقوداً بمـفـقـود

وقول أبي الفتح البستي في مثله:

يا شيبتي دومي ولا تتـرحـلـي

 

وتيقني أني يوصلـك مـولـع

قد كنت أجزع من حلولك مـرةً

 

فالآن من حذر ارتجاعك أجزع

وقال غيره:

لا يرعك المشيب يا ابنة عبد ال

 

له فالـشـيب زينةٌ ووقـار

إنما تحسـن الـرياض إذا مـا

 

ضحكت في خلالها الأنـوار

من أحسن ما قيل في الرد على عائب الشيب:

وعائبٌ عابني بـشـيبٍ

 

لم يعد لما أقام وقـتـه

فقل لمن عابني سفاهـاً

 

يا عائب الشيب لا بلغته

ولابن المعتز:

وقالوا النصول مشيبٌ جديدٌ

 

فقلت الخضاب شباب جديد

إساءة هـذا بـإحـسـان ذا

 

فإن عاد هذا فهـذا يعـود

وظرف ابن الرومي قي قوله:

يا أيها الرجل المسود شعـره

 

كيما يعد به من الشـبـاب

أقصر فلو سودت كل حمامةٍ

 

بيضاء ما عدت من الغربان

وله أيضاً:

بكيت من الشيب حتى ضجرت

 

وقد دب في عارضي واشتعل

وسود وجـهـي فـسـودتـه

 

فعلت به مثل ما قد فـعـل

ولم أر في آثار الكبر أحسن من قول ابن المعتز:

لا تلم بالمدام مطلـي وحـبـسـي

 

ليس يومي يا صاحبي مثل أمسي

لا تسلني وسل مشـيبـي عـنـي

 

مذ عرفت الخمسين أنكرت نفسي

وقول بعضهم:

المرء مثل هلالٍ حين تبصره

 

يبدو لعيني صعيفاً ثم يتسـق

يزداد حتى إذا ما تم أعقـبـه

 

كر الجديدين نقصاً ثم ينمحق

وظرف من قال:

لم أخضب الشيب للغواني

 

لأبتغي عندها الـودادا

لكن خضابي على شبابي

 

لبسته بـعـده جـدادا

الباب السادس عشر في مكارم الأخلاق وفي المدائح

قال بعض الأئمة: أمدح بيتٍ للعرب قول زهيرٍ:

تراه إذا ما جئته متـهـلـلاً

 

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وكان الأستاذ الطبري يقول: أمدح بيتٍ للبحتري قوله:

دنوت تواضعاً وعلوت مجداً

 

فشأناك: انحدارٌ وارتفـاع

كذاك الشمس تبعد أن تسامى

 

ويدنو الضوء منها والشعاع

وللوأواء:

من قاس جودك بالغمام فمـا

 

أنصف في الحكم بين شكلين

أنت إذا جدت ضاحـكٌ أبـداً

 

وهو إذا جاد دامع الـعـين

وقال المتنبي:

فإن تفق الأنام وأنت منـهـم

 

فإن المسك بعض دم الغزال

وقوله أيضاً:

ليس التعجب من مواهب ماله

 

بل من سلامتها إلى أوقاتهـا

عجبا له حفظ العنان بأنـمـلٍ

 

ما حفظها الأشياء من عاداتها

ذكر الأنام لنا، وكان قـصـيدةً

 

كنت البديع الفرد من أبياتهـا

وقوله أيضاً:

الناس ما لم يروك أشبـاه

 

والدهر لفظٌ وأنت معناه

والجود عينٌ وأنت ناظرها

 

والبأس باعٌ وأنت يمنـاه

إن كان فيما نراه من كرمٍ

 

فيك مزيدٌ، فزادك اللـه

وليس لقول كشاجم شبيهٌ:

شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ

 

من شر أعينهم بعيبٍ واحـد

ومن أحسن ما قيل في الجود قول البحتري:

ملكٌ أطاعته العلى فأطاعهـا

 

في ماله وعصى على عذاله

وقوله أيضاً:

ولـسـت أدري أي آياتـه

 

أحسن إن عددها الشعـر

أوجهه الواضح أم حلمه الر

 

اجح أم نائله الـغـمـر

و قوله أيضاً:

أفدي نداك قرب يومٍ جـاءنـي

 

عفوا يقود لي الغنى بزمامه

وإذا أردت لبست منك مواهبـاً

 

ينشرن نشر الورد من أكمامه

ومن غرر أبي بكرٍ العلاف قوله لعضد الدولة:

يا علم العـالـم فـي الـجـود

 

مثلك جوداً غـير مـوجـود

بل استوى الجود على جـرمـه

 

كما استوى الفلك على الجودي

قال بعضهم في الكرم:

وإذا الكريم نبـت بـه أيامـه

 

لم ينتعش إلا بعـون كـريم

فأعلن على الخطب العظيم فإنه

 

يرجى العظيم لدفع كل عظيم

ومن أحسن قول أبي فراسٍ الحمداني:

ويدعى كريماً من يجود بمالـه

 

ومن يبذل النفس الكريمة أكرم

وقال أبو تمامٍ في الشجاعة:

وإذا رأيت أبا يزيدٍ في نـدى

 

ووغى ومبدي غارة ومعيدا

يقري مرجيه مشاشة مالـه

 

وشي الأسنة ثغرةً ووريدا

 

أيقنت أن من السماح شجـاعةً

 

تدمي وأن من الشجاعة جودا

وقال المتنبي:

وكل شجاعةٍ في المرء تغني

 

ولا مثل الشجاعة في الحكيم

ومن أحسن ما قيل في مدح الشجاع قوله:

شجاعٌ كأن الحرب عاشقةٌ لـه

 

إذا زارها فدته بالخيل والرجل

ومن أحسن ما قيل في مدح الحلم:

أرى الحلم في بعض المواطن ذلةً

 

وفي بعضها عزاً يسود فاعلـه

وأحسن ما سمعت في ترك الحلم بعد الإعذار قول الحسن بن الضحاك:

أتاني منـك مـا لـيس

 

على مكروهه صبـر

فأغضيت على عـمـدٍ

 

وقد يغضي الفتى الحر

وأدبتـك بـالـهـجـر

 

فما أدبك الـهـجـر

ولا ردك عـمـا كــا

 

ن منك الصفح والزجر

فلما اضطرني المكـرو

 

ه واشتد بـي الأمـر

تناولـتـك مـن سـري

 

بما لـيس لـه قـدر

فحركت جـنـاح الـذل

 

ل لما مسك الـضـر

إذا لم يصلح الـخـير ام

 

رأً أصلحـه الـشـر

وهو من قول بعضهم:

وبعض الحلم عند الجه

 

ل لـلـذلة إذعـان

وفي الشر نجاةٌ حـي

 

ن لا ينجيك إحسـان

ومن أحسن ما سمعت في التواضع قول بعضهم:

لعمرك ما الأشراف في كل بلدةٍ

 

وإن عظموا للفضل إلا صنائع

أرى عظماء الناس للفضل خشعاً

 

إذا ما بدا والفضل لله خاشـع

تواضع لما زاده الـلـه رفـعةً

 

فكل رفيعٍ عنده مـتـواضـع

قال القطامي في التأني:

قد يدرك المتأني بعض حاجتـه

 

وقد يكون مع المستعجل الزلل

ثم قال بعد ذلك:

وربما فات قوماً بعض أمـرهـم

 

من التأني وكان الحزم لو عجلوا

ومن أحسن ما قيل في الصدق قول محمودٍ:

الصدق حلوٌ وهو الـمـر

 

والصدق لا يتركه الحر

جوهرة الصدق لها جوهر

 

يحسدها الياقوت والـدر

وأحسن ما سمعت في الذنب والعفو قول بعضهم:

تبسطنا على الآثـام لـمـا

 

رأينا العفو من ثمر الذنوب

وأحسن ما سمعت في القناعة قول ابن طباطبا العلوي:

كن بما أوتيته مـقـتـنـعـاً

 

تستدم عسر القنوع المكتفـي

إن في نيل المنى وشك الردى

 

وهلاك المرء في ذا السرف

وقول الآخر:

اقتنع بالقوت واجعل

 

كل أيامك طاعـه

ما أرى الدنيا تساوي

 

عند حر غم ساعه

ولا مزيد على قول البرقعي في ذم القناعة:

رأت عز ما بي وفرط انكماشي

 

وطول التململ فوق الفـراش

وقـالـت أراك أخـا هــمةٍ

 

ستبلغها فترى ذا انكـمـاش

فهلا فنعت ولـم تـغـتـرب

 

فقلت القناعة طبع المواشـي

ومن أحسن ما قيل في الحياء:

إذا لم تخش عاقبة الليالـي

 

ولم تستحي فافعل ما تشاء

فلا والله ما في العيش خيرٌ

 

ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

ومن أحسن ما قيل في الرفق قول بعضهم:

لم أر مثل الرفق في يمـنـه

 

يستخرج العذراء من خدرها

من يستعن بالرفق في أمـره

 

يستخرج الحية من جحرها

ومن أحسن ما قيل في المداراة قول أبي سليمان:

ما دمت حيا فدار الناس كلهم

 

فإنما أنت في دار المـداراة

دنياك ثغرٌ فكن منها على حذرٍ

 

فالثغر مثوى مخافات وآفات

ومن أحسن ما قيل في علو الهمة قول ابن طباطبا العلوي:

له همةٌ إن قست فرط علوها

 

حسبت الثريا في قرار قليب

وأحسن منه قول الآخر:

له همم لا منتهـى لـكـبـارهـا

 

وهمته الصغرى أجل من الدهـر

له راحةٌ لو أن معشـار جـودهـا

 

على البر كان البر أندى من البحر

من أحسن ما قيل في التقوى قول الشاعر:

أحسن بربك ظـنـا

 

فإنه عند ظـنـك

واجعل من الله حصناً

 

فإنه خير حصنـك

ومن أحسن ما قيل في كتمان السر قول أبي الفتح:

إذا خدمت الملوك فالـبـس

 

من التوقي أعز ملـبـس

وكن إذا ما دخلت أعـمـى

 

وكن إذا ما خرجت أخرس

ومن أحسن ما قيل في التوسط في الأمور:

عليك بأوساط الأمور فـإنـهـا

 

نجاةٌ ولا تركب ذلولاً ولا صعبا

وأحسن ما قيل في الهيبة قول بعضهم:

يغضي حياءً ويغضى من مهابته

 

فما يكلم إلا حـين يبـتـسـم

ومن أحسن ما قيل في مدح الوالي قول مسلم:

إنما كنا كـأرضٍ مـيتةٍ

 

ليس للزائر فيها منتظر

 

فحـيينـا بـك إذ ولـيتـنـا

 

وكذاك الأرض تحيا بالمطر

وقال علي بن جبلة:

دجلة تسقـي وأبـو غـانـمٍ

 

يطعم من تسقي من النـاس

الناس جسمٌ وإمـام الـهـدى

 

رأسٌ وأنت العين في الراس

ولعلي بن الجهم:

يا بني طاهر حللتم من الـنـا

 

س محل الأرواح في الأجسام

وإذا رابكم من الـدهـر ريبٌ

 

عم ما خصكم جمـيع الأنـام

ولابن الرومي:

كل الخلال التي فيكم محاسنـكـم

 

تشابهت منكم الأخلاق والخـلـق

فأنتم شجر الأترج طـاب مـعـاً

 

حملاً ونوراً وطاب العود والورق

أحسن ما سمعت في طبيب فصادٍ قول كشاجم:

الحمد لله قـد وجـدت أخـا

 

لست بذا الدهر مثله واجـدا

أسكن في صحتي إلـيه فـإن

 

مرضت كان الطبيب والعائد

أحنى على كل من يعالـجـه

 

من الشقيق الشقيق والوالـد

يعلم من قبل أن تخـاطـبـه

 

ما أنت من كل علةٍ واجـد

كأنما تحت مـا يجـس بـه

 

فلب دلـيلٍ ونـاظـرٍ رائد

كأنما طرفه لمـبـضـعـه

 

متصلٌ في طريقه القاصـد

كأنه من نـصـيحةٍ وتـقـىً

 

لنفسه دون غيره قـاصـد

يبقي علينـا دم الـحـياة ولا

 

يخرج إلا المضر والفاسـد

يخرج مقدار ما زيد على ال

 

مزاج لا ناقـصـاً ولا زائد

إن جمد الطبع حل منـه وإن

 

ذاب انحلالاً أعاده جـامـد

متسع الكـم غـير ضـائره

 

يسعد في لطف كفه الساعد

مبارك الشخص حين تبصره=توقن بالبرء أنه وارد وقال بعضهم في طبيبه:

إذا سقامٌ عراك نـازلـه

 

فاندب أبا جعفر لنازله

يعرف ما يشتكيه صاحبه

 

كأنه حل في مفاصله

وأحسن ما سمعت في وصف مزينٍ قول الطبري:

لو لم تقع..... على فخذي

 

ما كان قد وقع محسوسا

وقال مؤلف الكتاب في منجمٍ:

صديقٌ لنا عالمٌ بالنجوم

 

يحدثنا بلسان الملـك

ويكتم أسرار إخوانـه

 

ولكن ينم بسر الفلك

الباب السابع عشر في الشكر والعذر والاستماحة والاستباحة وما يجري مجراها

من أحسن ما قيل في الشكر والثناء قول بعضهم:

رهنت يدي للعجز عن شكر بره

 

وما فوق شكري للشكور مزيد

ولو كان شيئاً يستطاع استطعتـه

 

ولكن ما لا يستـطـاع شـديد

من أحاسن أبن نواسٍ قوله:

قد قلت للعبـاس مـعـتـذراً

 

من ضعف شكريه ومعترفا:

أنت امرؤٌ حملتنـي نـعـمـاً

 

أوهت قوى سكري فقد ضعفا

لا تـسـدين إلـي عــارفةً

 

حتى أقوم بشكر ما سـلـفـا

ومن الأحاسن قول إبراهيم بن المهدي للمأمون:

رددت مالي ولم تبخل علـي بـه

 

وقبل ردك مالي قد حقنت دمي

فأبت عنك وقد أوليتني نـعـمـا

 

هي الحياتان من موتٍ ومن عدم

وقول أبي تمام:

لأن جحدتك ما أوليت مـن حـسـنٍ

 

إني لفي اللؤم أحظى منك في الكرم

رددت رونق وجهي في صحيفـتـه

 

رد الصقال بهاء الصارم الـخـذم

وما أبالي وخير الـقـول أصـدقـه

 

حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي

وله أيضاً:

ممطراً لي بالجاه والمال لا أل

 

قاك إلا مستوهباً أو وهوبـا

فإذا ما أردت كنـت رشـاءً

 

وإذا ما أردت كنت قلـيبـا

ومن أحسن ما قيل في شكر إعادة البر قول جحظة:

مازلت تحسن ثم تحسن عـائداً

 

وأعود شاكر نعمةٍ فتـعـود

وتزيد في النعمى وأشكر جاهداً

 

وكذاك نحن تعيد لي فأعـود

ومن أحسن ما قيل في العذر قول إبراهيم بن المهدي:

أغثني أمير المؤمنين بنـظـرةٍ

 

تزول بها عني المهانة والـذل

فإلا أكن أهلاً لما منك أرتجـي

 

فأنت أمير المؤمنين له أهـل

وعفوك أرجو لا البـراءة إنـه

 

أبى الله إلا أن يكون لك الفضل

وقوله أيضاً:

ذنبي إليك عظـيمٌ

 

وأنت للعفو أهل

فإن عفوت ففضلٌ

 

وإن أخذت فعدل

ومما ينخرط في سلك هذا الفصل قول ابن المعتز وهو نهايةٌ في الحسن والظرف:

يا سيدي قد عثرت خذ بـيدي

 

ولا تدعني ولا تقل تعسـا

واعف فإن عدت فاعف ثانيةً

 

فقد يداوي الطبيب من نكسا

وقول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:

ذنبي إليك عـظـيم

 

وأنت أعظم منـه

ضيعت عرفك عندي

 

ولم أصنه فصنـه

 

إن لم أكن في فعالي

 

حراً كريماً فكنـه

وقول أبي علي:

ولو أن فرعون لما طغـى

 

وقال على الله إفكاً وزورا

أناب إلى الله مستـغـفـراً

 

لما وجد الله إلا عـفـورا

ومن أحاسن الاستماحات قول البحتري:

يدٌ لك عنـدي قـد أبـر ضـياؤهـا

 

على الشمس حتى كاد يخبو سراجها

فإن تلحق النعمى بنعـمـى فـإنـه

 

يزين اللآلي في النظام ازدواجهـا

ولم أسمع أشد تصريحاً في الاستماحة من الخليع حيث يقول:

أنا حامدٌ أنا شاكرٌ أنـا ذاكـرٌ

 

أنا جائعٌ أنا راجلٌ أنا عاري

هي ستةٌ فكن الضمين لنصفها

 

أكن الضمين لنصفها يا باري

وقول بعضهم:

العار في مدحي لغيرك فاكفنـي

 

بالجود منك تعرضي للـعـار

والنار عندي في السؤال فهل ترى

 

ألا تكلفـنـي دخـول الـنـار

ومن أحاسن ما قيل في استهداء الشراب قول نصر بن سيار:

اسر الهدايا ما تسر به الـنـفـس

 

وآنس شيءٍ ما يتـم بـه الأنـس

وأفضل ما يهدى إلى الشيء جنسه

 

فللروح أهد الراح فهي لها جنس

وقول الآخر:

جعلت فداك بعض الناس عندي

 

وفيهم من يودك مـثـل ودي

وفي المشروب ضيقٌ وهو شيءٌ

 

إذا أنفذته حصلـت حـمـدي

فأنفذ ما استطعت بـلا مـزاجٍ

 

فإن الماء ليس يضيق عنـدي

ومن أحسن ما قيل في الاستزادة قول ابن الرومي:

أيهـا الـمـنـصـف إلا رجـلاً

 

واحداً أصبحت ممن ظـلـمـه

كيف ترضى الفقر عرساً لامرئٍ

 

وهو لا يرضى لك الدنـيا أمـه

هززتك لا أني وجدتـك نـاسـياً

 

لوعدٍ ولا أني أردت التقـاضـيا

ولكن وجدت السيف عند انتضـائه

 

إلى الهز محتاجاً وإن كان ماضياً

وقول بعضهم:

أبا حسنٍ شفعت إلى الليالي

 

بودك إنه أزكى شفـيع

إذا أكدى الربيع فأين خيرٌ

 

يؤمل للحيا بعد الربـيع

الباب الثامن عشر في مساوئ الأخلاق والأهاجي

قال بعض الرواة: أهجى بيتٍ للعرب قول الأعشى:

تبيتون في المشتى ملاءً بطونكم

 

وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا

وقول الأخطل:

قومٌ إذا استنبح الأضياف كلبهم

 

قالوا لأمهم: بولي على النار

وأجمعوا على أن أهجى بيتٍ للمحدثين قول مسلمٍ في الحكم:

أما الهجاء فدق عرضك دونـه

 

والمدح عنك كما علمت جليل

فاذهب فأنت طليق عرضك إنه

 

عرضٌ عززت به وأنت ذليل

وقوله أيضاً:

قبحت مناظرهم فحين بلوتهـم

 

حسنت مناظرهم لقبح المخبر

وقول أبي نواسٍ:

بما أهـجـوك لا أدري

 

لساني فيك لا يجـري

إذا فكرت في عـرض

 

ك أشفقت على شعري

وما أحسن ما قال أبو تمامٍ في اللؤم:

ومنازلٍ لم يبق فيها ساحةٌ

 

إلا وفيها سائلٌ محـروم

عرصات لؤمٍ لم يكن لسيدٍ

 

وطناً ولم يرفع بهن كريم

ومن أحسن ما قيل في شرف الأصل ولؤم النفس قول ابن الرومي:

وما الحسـب الـمـوروث لا در دره

 

بمحتسبٍ إلا بـآخـر مـكـتـسـب

إذا العود لم يثمـر وإن كـان شـعـبة

 

من المثمرات اعتده الناس في الحطب

وقول الآخر:

أبوك أبٌ حر وأمـك حـرةٌ

 

وقد يلد الحران غير نجيب

فلا يعجبن الناس منك ومنهما

 

فما خبثت من فضةٍ بعجيب

ومن أحسن ما قيل في الثقيل قول إبراهيم:

إذا أقبل لا أقب

 

ل قلنا كلنا آه

وإن أدبر كبرنا

 

جميعاً ولعناه

ومن أحسن ما قيل في القبح قول أبي تمامٍ:

قبحت وزدت فوق القبح حتى

 

كأنك قد خلقت من الفراق

مساوٍ لو قسمن على نـسـاءٍ

 

لما أمهرن إلا بالـطـلاق

وقال الآخر:

وجه أبي عمروٍ اللـعـين بـه

 

في القبح والبرد يضرب المثل

كأنه في اتـسـاع صـورتـه

 

روثة ثورٍ قد داسها جـمـل

ومن أحسن ما قيل في ذوي المنظر الجميل ولا خير عندهم:

إذا ما جئت أحمد مستميحـاً

 

فلا يغررك منظره الأنيق

له عرفٌ وليس لديه عرفٌ

 

كبارقة تروق ولا تـريق

فلا تخشى العداوة منه أصلاً

 

كما بالوعد لا يثق الصديق

ومن ملح الصابي قوله في وصف أبخر:

مضغ الهندي للهر

 

ة خبزاً فرماها

فدنت منه فشمت

 

ه فظنته خراها

 

فحثت ترباً عليه

 

ثم ولته قفاها

وقوله في هجاء معلمٍ:

وكيف يرجى العقل والفضل عند من

 

يروح إلى أنثى ويغدو إلى طفـل

وليس في هجاء أعمى أحسن من قول القائل:

كيف يرجو الحياء منه صديقٌ

 

ومكان الحياء منه خـراب

الباب التاسع عشر في الأمراض والعيادات وما ينضاف إليها

أحسن ما قيل في مدح الصحة وذم المرض قول بشار بن برد:

إني وإن كان جمع المال يعجبنـي

 

فليس يعدل عندي صحة الجسـد

في المال زينٌ وفي الأولاد مكرمةٌ

 

والسقم ينسيك ذكر المال والولـد

وقول عنترة:

المال للمرء في معـيشـتـه

 

خيرٌ من الوالدين والـولـد

وإن تدم نعمةٌ علـيه تـجـد

 

خيراً من المال صحة الجسد

وما بمن نال فضل عـافـيةٍ

 

وقوت يومٍ فقرٌ إلـى أحـد

من أحسن ما قيل في عيادة السادة قول بعضهم:

قالوا أبو الفضل معتل، فقلت لهم:

 

نفسي الفداء له من كل محذور

يا ليت علته بـي غـير أن لـه

 

أجر العليل وأني غير مأجـور

ومن أحسن ما قيل في عيادة الأخوان قول بعضهم:

إن كنت في ترك العيادة تاركـاً

 

حظي، فإني في الدعاء لجاهد

ولربما ترك العيادة مـشـفـقٌ

 

وأتى على كره الضمير الحاسد

ومن أحسن ما قيل في مرض الحبيب قول أبي تمام:

إن وجه الحمى لوجه صفيقٌ

 

حين حلت به نهاراً جهاراً

لم تشن وجهه المليح ولكـن

 

حولت ورد وجنتيه بهـارا

وقول الآخر:

غيرت العلة من وجهـه

 

ما كان فيه فتنة العالمين

ولم تشن وجهاً ولكنـهـا

 

غيرت التفاح بالياسمين

وقول الآخر:

ولو أن المريض يزيد حسنـاً

 

كما تزداد أنت على السقـام

لما عيد المريض إذا وعـدت

 

له الشكوى من المنح العظام

وأحسن ما سمعت في هذا الباب قول بعضهم:

مرض الحبيب فـعـدتـه

 

فمرضت من حذري عليه

فأتى الحبـيب يعـودنـي

 

فبرئت من نظري إلـيه

وأحسن ما قيل في الحمى:

وزائرةٍ بلا وعدٍ أتتـنـي

 

فحلت بين جسمي والفؤاد

سنانٌ للمنـايا أن تـراءت

 

لنفسي فالمنايا في طراد

ومن أحسن ما قيل في العتاب على ترك العيادة قول بعضهم:

لما اعتللت تجافي عن مواصلتي

 

من كنت أرصده للبرء والسقم

إن عاقه الشغل عن إتيان مكرمةٍ

 

فلم يعقه عن القرطاس والقلم

ويحسن قول الآخر:

حق العـيادة يومٌ بـين يومـين

 

في جلسةٍ لك مثل اللمح بالعين

لا تحزنن مريضاً في مسـاءلةٍ

 

يكفيك من ذاك تسآلٌ بحرفـين

أحسن ما سمعت في البرء بعد الإشراف قول ابن المعتز:

أتاني برءٌ لم أكن فـيه طـامـعـاً

 

كحل أسيرٍ بـعـد شـد وثـاقـه

فإن كنت لم أجرع من الموت جرعةً

 

فإني مججت الموت بعد مـذاقـه

أحسن ما سمعت في التهنئة قول المتنبي:

المجد عوفي إذ عوفيت والكرم

 

وزال عنك إلى أعدائك الألـم

وما أخصك في برءٍ بتـهـنـئةٍ

 

إذا سلمت فكل الناس قد سلموا

وقول ابن المعتز في شرب الدواء:

لا زلت في غبطةٍ من الزمن

 

لا يرتع السقم منك في البدن

وجال نفع الدواء فيك كـمـا

 

يجول ماء الربيع في الغصن

الباب العشرون في التهاني والتهادي

أول من هنأ بالعرش عدي بن الرقاع في بعض خلفاء بني أمية:

قمر السماء وشمسها اجتمعا

 

بالسعد ما غابا وما طلعـا

ما وارب الأستار مثلهمـا

 

فيمن رأيناه فمن سمعـا

دام السرور له بها ولـهـا

 

وتهنيا طول الحياة معـا

وكتب مؤلف الكتاب إلى بعضهم:

قد لبس الدهر حسن زهـوتـه

 

مذ زوج المشتري بزهرتـه

وفي اقتران السعدين ما فيه من

 

إشراق وجه العلى ونضرته

فالطرف مستأنسٌ بـقـرتـه

 

والقلب يطوى على مسرتـه

من أحسن ما سمعت في التهنئة بمولود قول ابن الرومي:

شمسٌ وبدرٌ ولدا كوكـبـاً

 

أقسمت بالله لقد أنجـبـا

ثلاثةٌ تشـرق أنـوارهـا

 

لا بدلت من مشرقٍ مغربا

تبارك الله وسـبـحـانـه

 

أي شهابٍ منكم أثـقـبـا

أحسن ما سمعت في التهنئة بخلعةٍ قول بعض الكتاب:

أيا محمدٌ الـمـأمـول نـائلـه

 

فت البرية طـراً أيمـا فـوت

زهت بك الخلعة الميمون طائرها

 

كزهو كسوة بيت الله بالـبـيت

وأحسن ما سمعت في التهنئة بقدوم من سفر قول ابن الرومي:

قدمت قدوم المشتري في سعوده

 

وأمرك عالٍ صاعدٌ كصعوده

لبست سناه واعتليت اعـتـلاءه

 

وتأمل أن تحظى بمثل خلوده

أحسن ما قيل في التهنئة بشهر رمضان:

نلت في ذا الصيام مـا تـرتـجـيه

 

ووقـاك الإلـه مـا تـتـقــيه

أنت في الناس مثل شهرك في اللأش

 

هر أو مثـل لـيلة الـقـدر فـيه

وقول الصابي في الأضحى:

مرجيك وصابـيكـا

 

بذا الأضحى يهنيكا

ويدعو لك والـلـه

 

مجيب ما دعا فيكا

وللصاحب في فضل الهدية:

إن الـهـدية حـلـوةٌ

 

كالسحر تجتلب القلوبا

تدني البعيد من الهـوى

 

حتى تصيره قريبـا

وأحسن ما سمعت في الاعتذار إلى الملوك من الإهداء:

على البعد حقٌ فهو لا بد فاعلـه

 

وإن عظم المولى وجلت فضائله

ألم ترنا نهدي إلى الـلـه مـالـه

 

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

وفي معناه قول ابن طباطبا:

لا تنكرن إذا أهديت نحوك من

 

علومك الغر أو آدابك النتفا

فقيم الباغ قد يهدي لمالـكـه

 

برسم خدمته عن باغه التحفا

كتب أحمد بن يوسف إلى علي بن يحيى:

من سنة الأملاك فيما مضى

 

من سالف الدهر وأحواله

هدية العـبـد إلـى ربـه

 

في جدة الدهر وإقبـالـه

فقلت ما أهدي إلـى سـيدٍ

 

حالي إذا فكرت من حاله

إن أهد نفسي فهي في ملكه

 

أو أهد مالي فهو من ماله

فليس إلا الحمد والشكر وال

 

مدح الذي يبقى لأمثالـه

ومنها كتب إلى بعض الرؤساء:

هديتي تقصر عن همـتـي

 

وهمتي تعلو على مالـي

فخالص الود ومحض الهوى

 

أحسن ما يهديه أمثـالـي

ومن أحسن ما قيل في إهداء خاتمٍ قول بعض الكتاب:

هديتي خاتـمٌ لـذي أدبٍ

 

مذكرةٌ عهد ود خادمـه

لو نقشت مقلةٌ بناظرهـا

 

لصير العين فص خاتمه

أحسن ما قيل في إهداء كرسيً قول منصورٍ الفقيه:

عشت حميداً وطال عـمـرك

 

وطاب في المكرمات ذكرك

أهـديت شـيئاً يقـل لــولا

 

أحدوثه الفأل والـتـبـرك

كرسي تفاءلـت فـيه لـمـا

 

رأيت مقـلـوبـه يسـرك

وأهدى بعضهم إلى صديقٍ له نبقاً وكتب إليه:

تفاءلت بأن تـبـقـى

 

فأهديت لك النبقـا

فأبقاك إلـه الـخـل

 

ق ما سرك أن تبقى

وأشقى الله شـانـيك

 

وحاشا لك أن تشقى

أحسن ما قيل في إهداء النعل:

نعل بعثت بها لتلبـسـهـا

 

قدمٌ لها درجٌ إلى المجـد

لو كان يصلح أن يشركهـا

 

خدي جعلت شراكها خدي

وفي إهداء السكين قول جحظة:

أهديت سكيناً إلـى سـيدٍ

 

شرفه الـلـه بـآرائه

رأيتها في كف ذي نجدةٍ

 

تعمل في أرواح أعدائه

وكتب مؤلف الكتاب إلى صديق له أهداه سكراً وشمعاً:

بعثت إلى سـيدي سـكـراً

 

حلاوته في قرار الصدور

وشمعاً يمزق ثوب الدجـى

 

ويلبس جيرانه ثوب نـور

الباب الحادي والعشرون في المراثي والتعازي

من أحاسن المراثي قول ابن المعتز:

قد استوى الناس ومات الكـمـال

 

وقال صرف الدهر أين الرجال

هذا أبو القاسـم فـي نـعـشـه

 

قوموا انظروا كيف تزول الجبال

وقول بعضهم:

عجباً للموت في تصـريفـه

 

ليس يحسو كأسه إلا خطير

يدع الأذناب مـا يقـربـهـا

 

وعلى الهامات ما زال يدور

ومن أحاسن ما قيل في المقتولين قول ابن الرومي:

كسته الـقـنـا حـلةً مـن دمٍ

 

فأضحت لدى الله من أرجوان

جزته معـانـقة الـدارعـين

 

معانقة القاصرات الحسـان

وقول منصورٍ الفقيه في المراثي:

أقول وقد هدني قولـهـم

 

مضى ابن عقيل إلى ربه

لئن أشبه الناس في موتـه

 

فقد عاش دهراً بلا مشبه

ومن أحاسن ما قيل في مرثية المصلوب قول ابن الأنباري:

علو في الحياة وفي الممات

 

لحق أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا

 

وفود نداك أيام الصـلات

كأنك قائمٌ فيهـم خـطـيبـاً

 

وكلهم قـيامٌ لـلـصـلاة

 

مددت يديك نحوهم احـتـفـاءً

 

كمدهما إليهم بـالـهـبـات

أصاروا الجو قبرك واستنابـوا

 

عن الأكفان ثوب السافـيات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى

 

بحراسٍ وحـفـاظٍ ثـقـات

وتشعل عندك الـنـيران لـيلاً

 

كذلك كـنـت أيام الـحـياة

ركبت مطيةً مـن قـبـل زيدٍ

 

علاها في السنين الماضـيات

وتلك قـضـيةٌ فـيهـا تـأسٍ

 

تباعد عنك تعـيير الـعـداة

أسأت إلى النوائب فاستثـارت

 

فأنت فتيل ثـأر الـنـائبـات

وكنت تجير من صرف الليالي

 

فعاد مطالبا لك بـالـتـراب

ولو أني قدرت عـلـى قـيامٍ

 

بفرضك والحقوق الواجبـات

ملأت الأرض من نظم القوافي

 

ونحت بها خلاف النائحـات

ولكني أصبر عنك نـفـسـي

 

مخافة أن أعد من الجـنـاة

وما لك تربةٌ فأقول تـسـقـى

 

لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمـن تـتـرى

 

برحمـاتٍ غـوادٍ رائحـات

ومن أحاسن ما قيل في مرثية الولد قول العتبي:

دعوتك يا بني فلم تـجـنـي

 

فردت دعوتي بأسى علـيا

بموتك ماتت اللذات عـنـي

 

وكانت حيةً إذ كنـت حـيا

فيا أسفي عليك وطول شوقي

 

إليك لو أن ذلـك رد شـيا

وقوله أيضاً:

أبعد الشمـل والـنـعـم

 

ة صيرت إلي القـبـر

فما يشـهـدك الأهـلـو

 

ن إلا هيئة الـسـفـر

يزرونك فـي الـعـيدي

 

ن في الفطر وفي النحر

وقد كـنـت وكـانـوا ل

 

ك في الألطاف والبـر

وما تنـزل مـن نـحـر

 

ولا توضع من حـجـر

فلـمـا وقـع الــيأس

 

تناسوك عـلـى ذكـر

وفي الأحشاء من ذكـرا

 

ك ما جل عن الصبـر

ولآخر في ولدٍ صغيرٍ:

إن يكن مات صغيراً

 

فالأسى غير صغير

كان ريحاني فقد أص

 

بح ريحان القبـور

من أحاسن التعازي قول أبي العتاهية:

اصبر لكل مصيبةٍ وتجـلـد

 

واعلم بأن المرء غير مخلد

وإذا ذكرت مصيبةً تشجى بها

 

فاذكر مصابك بالنبي محمد

وقول آخر متنازعٌ فيه:

إني أعزيك لا أني علـى ثـقةٍ

 

من الخلود ولكن سـنة الـدين

فما المعزي بباقٍ بعد تـعـزيةٍ

 

ولا المعزى ولو عاشا إلى حين

وقول ابن المعتز:

لا تحزنن وقيت الحزن والألـمـا

 

ولا عدمت بقاءً يصحب النعمـا

أليس قد قيل فيما لست تـنـكـره

 

من مكرمات الفتى تقديمه الحرما

يا شامتاً ببني وهبٍ وقد فجـعـوا

 

لا تشمتن بنقصٍ زادهم كـرمـا

ومن الأمثال السائرة في التعازي:

أحسن عزاءك عن أخيك فإنما

 

سلك الزمان به سبيل الناس

وقال مؤلف الكتاب للأمير أبي العباس:

قل للمليك الأجـل قـدرا

 

لا زلت بدراً تحل صدرا

إني أعزيك عـن عـزيزٍ

 

كان لريب الزمان عذرا

وكان طهراً فصار أجـراً

 

وكان ظهراً فصار ذخرا

أحسن ما قيل في التعزي عن الميت:

يعزي المعزي ثم يمضي لـشـأنـه

 

ويبقى المعزى في أحر من الجمر

ويسلو المعزى فـي لـيالٍ قـلائلٍ

 

ويبقى المعزى عنه في ظلمه القبر

الباب الثاني والعشرون

في فنونٍ من الأحاسن مختلفة الترتيب

أحسن ما سمعت في الشمعة قول الصاحب:

ورائق القد مسـتـحـب

 

يجمع أوصاف كل صب

صفرة لونٍ وسكب دمـعٍ

 

وذوب جسمٍ وحر قلـب

أحسن ما سمعت في جاريةٍ سوداء قول بعض الشعراء:

قالوا عشقت من البرية أسـودا

 

مهلاً علقت بأضعف الأسباب

فأجبتهم ما في البياض فضـيلةٌ

 

وأرى السودا نهاية الطـلاب

أهوى الشباب لأن رأسي أشيبٌ

 

يدني الفنا وأحب لون شبابـي

وكذلك الكافور بـردٌ قـاطـعٌ

 

والمسك أزكى الطيب للتطياب

للمقلة الحسناء فيه تـفـاخـرٌ

 

وبه تتم صنـائع الـكـتـاب

وبه يجمل كـف كـل خـريدةٍ

 

وبه تكحل عين كل كـعـاب

فتتعتعوا عند الجواب وعادتـي

 

أن تخرس النطاق عند جوابي

أحسن ما قيل في النهي عن احتقار العدو الصغير:

فلا تحتقرن عـدواً رمـاك

 

ولو كان في ساعديه قصر

فإن السيوف تحز الرقـاب

 

وتعجز عن أن تنال الإبر

وأحسن ما قيل في الشماتة بموت عدوٍ:

قلت له لما مضى وانقضى

 

لا ردك الرحمن من هالك

 

يا ملك الموت تسلمتـه

 

مني فسلمه إلى مالك

أحسن ما قيل في الاعتذار عن الخط الدقيق:

تقول وقد كتبت دقـيق خـطٍ

 

إليها لم تجنبت الـجـلـيلا

فقلت لها عشقت فصار خطي

 

ضعيفاً مثل صاحبه نحـيلا

أحسن ما قيل في الاعتذار من شكاية خسيسٍ:

إن كنت أشكـو مـن يدق

 

عن الشكاية في القريض

فالفيل يجزع وهو أعـظ

 

م ما رأيت من البعوض

أحسن ما قيل في تسلية محبوسٍ قول البحتري:

أما في رسول الله يوسـف أسـوةٌ

 

لمثلك محبوساً على الضيم والإفك

أقام جميل الصبر في السجن برهةً

 

فآض به الصبر الجميل إلى الملك

أحسن ما قيل في بخل الجواد قول بعضهم:

ورب جوادٍ يمـسـك الـلـه جـوده

 

كما يمسك الله السحاب عن المطـر

ورب كـريمٍ تـعـتـريه كــزازةٌ

 

كما قد يكون الشوك في أكرم الشجر

وأحسن ما قيل في السرور بالبشرى:

ورد البشير بمـا أقـر الأعـينـا

 

وشفى النفوس فنلن غايات المنى

فتقاسم الناس المسـرة بـينـهـم

 

قسماً وكان أجلهم حظـاً لـنـا

أحسن ما قيل في الوداع:

أيا عجبي ممن يمـد يمـينـه

 

إلى إلفه يوم الوداع فيسـرع

ضعفت عن التوديع لما رأيتـه

 

فصافحته بالقلب والعين تدمع

أحسن ما سمعت في توديع المشكور:

تفضلت الأيام بالجـمـع بـينـنـا

 

فلما حمدنا لم تدمنا على الحمـد

فجد لي بقلبٍ إذ رحلت فـإنـنـي

 

مخلف قلبي عند من فضله عندي

وهكذا يقول مؤلف الكتاب للمؤلف له وباسمه هذا الكتاب، وقد أزف رحيله عن جنابه، كما قال أبو فراسٍ موقر الظهر وقراً وشكراً، فكأنه به وهو ينشد:

وموقفٍ للوداع ألبـسـنـي

 

لباس همٍ يسوء موقـعـه

فقلت والدمع قدر شرقت به

 

أستودع الله مـن أودعـه

آخر كتاب أحسن ما سمعت

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضوابط الحكم بالاسلام أو الخروج من الإسلام

  أولا اضغط الرابط ضوابط الحكم بالاسلام أو الخروج من الإسلام   للتأكد أن علماء المسلمين المنتهحين نهج التأويل فاتهم معرفة الفرق بين ال...